للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

الشيخ: هذه جملة يعني معترضة حتى نمشي في الموضوع على بَيِّنة، فهذا الماء الذي وقع فيه قطرة من البول تَنَجَّس أم لا؟

في أقوال كثيرة، قول يقول لك: انظر إلى هذا الماء، وهذا القول الصحيح الذي تدل عليه الأدلة الشرعية، انظر إلى هذا الماء إذا تَغَيَّر أحد أوصافه الثلاثة فقد تَنَجَّس: لونه طعمه أو ريحه.

مذهب ثاني يقول: إذا كان الماء بلغ قلتين، يعني: جَرَّتين كبار، فهو طاهر، وإذا كان أقل من ذلك بقليل فهو نجس.

القول الثالث والأخير قول من يقول: إذا كان الماء عشرة في عشرة أذرع فهو متحمل النجاسة هذا كلام فلسفي، وكلام غير فطري، ولا يمكن أن تُكَلّف به الناس جميعاً؛ لأنه يتطلب أن يكون المبتلى أمام ماء فيه نجاسة أن يكون مهندس؛ لأنه ما كل إنسان يستطيع أن يحكم أنه هذه البحيرة مثلاً، خاصة إذا كانت مربعة مُثَمَّنة، أو إذا كانت مُدَوَّرة، من يحكم هذا أنه بلغت عشرة في عشرة أو لا؟ نريد مهندس حسيب أيضاً، ربنا ما يكلف عباده بمثل هذه القضية التي هي في منتهى الدقة، لكن قابِل هذا الرأي بالرأي الأول، انظر إلى الماء تَغَيَّر أحد أوصافه الثلاثة، فهو نجس وإلا فهو طاهر، هكذا الشريعة تأتي، لم تأت بأمور فوق طاقة العباد فوق عقولهم.

ونحن الآن أمام قضية واضحة جداً: البول بَيِّن نجس قذر تَمُجُّه النفوس أليس كذلك؟ فشتان ما بينهما، فكان أمراً طبيعياً جداً أن تأتي الشريعة مطابقة للفطرة السليمة، الفطرة ما تنجس الدمع، ولا تنجس الدم الذي يخرج من بدن الإنسان أيضاً، وإلا كثير من الناس يقولون بأن هذا الدم نجس أيضاً، وأنه إذا خرج من إنسان انتقض وضوؤه، هذا أيضاً غير صحيح بالنسبة ... للشريعة، وهكذا، فالإسلام كما قال رب العالمين: {يُرِيدُ اللَّهُ بِكُمُ الْيُسْرَ وَلا يُرِيدُ بِكُمُ الْعُسْرَ} [البقرة: ١٨٥] لكن هذا ليس معناه أن الإنسان يجعل الشريعة على كيفه، فالذي يعجبه وفيه يُسْر يأخذ فيه، سواء جاء به الشرع أو ما جاء، لا، القضية ليست هكذا، الشرع

<<  <  ج: ص:  >  >>