وأناب يجب بطبيعة الحال أن يحافظ على صوم رمضان بكل أيامه كما يجب عليه أن يحافظ على كل الصلوات في أوقاتها ومع الجماعة ولا يكتفي بهذا بل عليه أن يضيف إلى ذلك التطوع والتنفل من الصيام أو الصلاة لكي يكمل الله له ذلك النقص الذي وقع في صيامه أو وقع في صلاته سواء كما قلنا آنفًا: كان النقص كمًا أو كان النقص كيفًا.
فالنقص في الكمية واضح، لكن النقص في الكيف يحتاج إلى شيء من الشرح، فربنا عز وجل لما ذكر فرضية الصيام فقال تبارك وتعالى:{كُتِبَ عَلَيْكُمُ الصِّيَامُ كَمَا كُتِبَ عَلَى الَّذِينَ مِنْ قَبْلِكُمْ لَعَلَّكُمْ تَتَّقُونَ}[البقرة: ١٨٣] أي: من حكمة تشريع الصيام هو لعل هؤلاء الصائمين يزدادون تقًا إلى الله تبارك وتعالى ورجوعًا إليه، فإذا صام الصائم ولم يتغير وضعه عما كان عليه قبل الصيام فهذا الصيام ناقص ولا شك، لأن النبي - صلى الله عليه وسلم - كان يقول كما في صحيح البخاري:«من لم يدع قول الزور والعمل به فليس لله حاجة في أن يدع طعامه وشرابه» كذلك قال بالنسبة للصلاة، قال عز وجل:{إِنَّ الصَّلاةَ تَنْهَى عَنِ الْفَحْشَاءِ وَالْمُنْكَرِ}[العنكبوت: ٤٥] فإذا استمر المسلم دهرًا طويلًا من زمانه حتى أسن وكبر وهو لم يتقدم إلى العمل الصالح سوى هذه الصلاة الشكلية الصورية التي يصليها فما حقق في صلاته الآية السابقة ألا وهي قوله تعالى: {إِنَّ الصَّلاةَ تَنْهَى عَنِ الْفَحْشَاءِ وَالْمُنْكَرِ}[العنكبوت: ٤٥].
وقد أشار النبي - صلى الله عليه وسلم - إلى هذا النقص الكيفي الذي قد يقع في صلاة بعض الناس حينما قال عليه الصلاة والسلام:«إن الرجل ليصلي الصلاة ما يكتب له منها إلا عشرها .. تسعها، ثمنها، سبعها، سدسها، خمسها، ربعها، نصفها» فالناس درجات، أحسن الدرجات من يكتب له نصف الصلاة؛ لأن الرسول عليه السلام لم يذكر أعلى من ذلك، بدأ بالعشر وانتهى إلى النصف، لماذا؟ لأن الصلاة ليست فقط قراءة وقيام وركوع وسجود كآلة جامدة أوتوماتيكية وإنما هو إنسان له قلب، فهذا القلب يجب أن يخشع صاحبه في صلاته لقول الله عز وجل في كتابه:{قَدْ أَفْلَحَ الْمُؤْمِنُونَ * الَّذِينَ هُمْ فِي صَلاتِهِمْ خَاشِعُونَ}[المؤمنون: ١ - ٢] ولكون أغلب