جهة، ثم ليس نصاً في شموله لكل أنواع الذكر المشروع دبر الصلاة.
أما بالنسبة للأمر الأول: فهو ليس نصاً في استمرار الرسول عليه السلام والصحابة على الجهر بالذكر دبر الصلاة، ذلك يعود إلى أمرين اثنين:
الأمر الأول: يوجد في الحديث إشارة إلى عدم استمرارية الجهر المذكور، وهو قول راوي الحديث عبد الله بن عباس رضي الله عنه:«كنا نسمع أو نعرف انقضاء صلاة النبي - صلى الله عليه وسلم - برفع الصوت بالذكر».
أقول: كنا يشير إلى أنه ما استمر الأمر إلى ما بعد، من أجل هذا يقول الإمام الشافعي في كتابه العظيم «الأم» بأن هذا الجهر كان من أجل التعليم، تعليم الرسول عليه السلام لبعض الأذكار دبر الصلاة، ونحن نعهد من رسول الله - صلى الله عليه وسلم - أن يرفع صوته بشيء من الذكر، وكما تعلمون أن أفضل الذكر القرآن الكريم، كان يرفع صوته، حيث يسن الخفض وعدم الجهر حتى في الصلاة، ويقول أهل العلم أن ذلك كان من أجل أن يعلم أصحاب الرسول ماذا يقرأ الرسول عليه الصلاة والسلام في الصلاة السرية.
هناك حديث عن ابن عباس هذا نفسه يقول:«كنا نعرف قراءة النبي - صلى الله عليه وسلم - في السرية باضطراب لحيته» لكن هذا لا ينبئهم عن ماذا كان يقرأ، فهو كان يرفع صوته في السرية، كما قال أبو قتادة الأنصاري رضي الله تعالى عنه يسمعنا الآية أحياناً، فإذا كان النبي - صلى الله عليه وسلم - يرفع صوته من أجل التعليم؛ حيث لا يشرع إلا الإسرار بالقراءة، فمن باب أولى أن يرفع صوته من أجل التعليم دبر الصلاة وإن كان الأصل في الذكر دبر الصلاة هو أيضاً الإسرار بالذكر، فهناك أحاديث كثيرة وكثيرة جداً تحض المصلين في غير الصلاة أن لا يرفعوا أصواتهم بالذكر حتى لو كانوا في العراء، حتى لو كانوا في الصحراء، فقد جاء في الصحيحين من حديث أبو موسى الأشعري: «أنهم كانوا في سفر، قال: فكنا إذا علونا شرفاً أي: جبلاً صغيراً كبرنا، وإذا هبطنا وادياً سبحنا، ورفعنا أصواتنا، فقال عليه الصلاة والسلام: «يا أيها الناس! إربعوا على أنفسكم، إن من تدعونه ليس بأصم ولا غائب، إنما تدعون سميعاً بصيرا، إنما