للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

لها كتناوله لشراب العنب سواء تناولا واحدا. فهذه طريقة منصوصة سهلة تريح من كلمة القياس في الاسم، والقياس في الحكم. ثم إن محض القياس الجلي يقتضي التسوية بينها، لأن تحريم قليل شراب العنب مجمع عليه، وإن لم يسكر، وهذا لأن النفوس لا تقتصر على الحد الذي لا يسكر منه، وقليله يدعو إلى كثيره. وهذا المعنى بعينه في سائر الأشربة المسكرة، فالتفريق بينها في ذلك تفريق بين المتماثلات وهو باطل، فلو لم يكن في المسألة إلا القياس لكان كافيا في التحريم، فكيف وفيها ما ذكرناه من النصوص التي لا مطعن في سندها، ولا اشتباه في معناها، بل هي صحيحة. وبالله التوفيق».

وأيضا فإن إباحة القليل الذي لا يسكر من الكثير الذي يسكر غير عملي، لأنه لا يمكن معرفته إذ أن ذلك يختلف باختلاف نسبة كمية المادة المسكرة «الكحول» في الشراب، فرب شراب قليل، كمية الكحول فيه كثيرة وهو يسكر، ورب شراب أكثر منه كمية، الكحول فيه أقل لا يسكر وكما أن ذلك يختلف باختلاف بنية الشاربين وصحتهم، كما هو ظاهر بين، وحكمة الشريعة تنافي القول بإباحة مثل هذا الشراب وهي التي تقول: «دع ما يريبك إلى ما لا يريبك»، «ومن حام حول الحمى يوشك أن يقع فيه». «واعلم أن ورود مثل هذه الأقوال المخالفة للسنة والقياس الصحيح معا في بعض المذاهب مما يوجب على المسلم البصير في دينه، الرحيم بنفسه أن لا يسلم قيادة عقله وتفكيره وعقيدته لغير معصوم، مهما كان شأنه في العلم والتقوى والصلاح بل عليه أن يأخذ من حيث أخذوا من الكتاب والسنة إن كان أهلا لذلك، وإلا سأل المتأهلين لذلك، والله تعالى يقول: {فَاسْأَلُوا أَهْلَ الذِّكْرِ إِن كُنتُمْ لا تَعْلَمُون}.

وبالإضافة إلى ذلك فإنا نعتقد أن من قال بهذا القول من العلماء المشار إليهم فهو مأجور على خطئه، للحديث المعروف، لأنهم قصدوا الحق فأخطؤوه، وأما من وقف من أتباعهم على هذه الاحاديث التي ذكرنا، ثم أصر على تقليدهم على خطأهم، وأعرض عن اتباع الأحاديث المذكورة فهو - ولا شك - على ضلال مبين، وهو داخل في وعيد هذه الأحاديث التي خرجناها ولا يفيده شيئا تسميته لما يشرب بغير اسمه مثل الطلاء، والنبيذ، أو «الويسكى» أو «الكونياك» وغير ذلك

<<  <  ج: ص:  >  >>