للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وخرجت طائفة منها في «الإرواء» «٢٣٧٥ و ٢٣٧٦»، وقد روى بعضها النسائي في «سننه» «٢/ ٣٢٧» ثم قال: «وفي هذا دليل على تحريم السكر قليله وكثيره، وليس كما يقول المخادعون لأنفسهم بتحريمهم آخر الشربة، وتحليلهم ما تقدمها الذي يسري في العروق قبلها، ولا خلاف بين أهل العلم أن السكر بكليته لا يحدث على الشربة الآخرة دون الأولى والثانية بعدها، وبالله التوفيق».

تنبيه: ما حكيناه عن الحنفية آنفا هو الذي حكاه الطحاوي عن أبي حنيفة وصاحبيه رحمهم الله، ورواه الإمام محمد في «الآثار» «ص ١٤٨» عن أبي حنيفة وأقره. لكن ذكر العلامة أبو الحسنات اللكنوي في «التعليق الممجد على موطأ محمد» «ص ٣١١» أن الإمام محمد يقول بتحريم شرب قليل كل مسكر وكثيره أسكر أولم يسكر، كما هو مذهب الجمهور، فلعل الإمام محمدا له في المسألة قولان. ولكن القول الثاني هو الصواب لموافقته للأحاديث الصحيحة التي سبقت الإشارة إليها وذكرنا بعضها. ومن الآثار السيئة لهذا الحديث أنه يلزم من القول به إباحة المسكرات المتخذة من غير العنب على ما سبق بيانه، وإسقاط الحد عن شاربها ولوسكر! وهذا ما ذهب إليه أبو حنيفة وأبو يوسف كما في «الهداية» «٨/ ١٦٠» لكنه قال بعد ذلك: إن الأصح أنه يحد بناء على قول الإمام محمد به. وهو منسجم مع قوله الآخر الموافق لمذهب الجمهور في تحريم كل مسكر. واستدل الحنفية أيضا أيضا بالحديث على أن تحريم الخمر ليس معللا بعلة فقالوا: «لما كانت حرمتها لعينها لا يصح التعليل، لأن التعليل حينئذ يكون مخالفا للنص». يعني هذا الحديث. والجواب أن يقال: أثبت العرش ثم انقش. فالحديث غير ثابت كما سبق، ثم هو معارض بمثل الحديث المتقدم: «كل مسكر خمر، وكل خمر حرام» فإنه صريح في تحريم كل مسكر بجامع الاشتراك مع خمر العنب علة الإسكار. وقد قلد الحنفية في هذه المسألة بل زاد عليهم حزب التحرير الذي كان يرأسه الشيخ تقي الدين النبهاني رحمه الله فاستدل به على أن العبادات لا تعلل فقال في «مفاهيم حزب التحرير» «ص ٢٤»: «فالأحكام الشرعية المتعلقة بالعبادات والأخلاق

<<  <  ج: ص:  >  >>