للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

ومن بعض مادة السكر الحلو، فإذا كانت الكحول هي المادة المسكرة في كل الخمور، وكان الخمر شرعًا أم الخبائث فالكحول تكون أم الخبائث؛ لأنها هي أصل الخمر بحيث أن هذه المادة المسكرة إذا رفعت من الخمر يعود الخمر إلى شراب مباح، ومن ذلك نعلم أن الخمر إذا تخللت حلت، وما تخللها إلا أن تذهب المادة المسكرة من هذه المادة السائلة، فأي شراب حينذاك يصنع ويلقى فيه شيء من مادة الكحول وهي أم الخمور كما ذكرنا فحينذاك يقع المصنع لهذه المشروبات في مخالفة شرعية صريحة، ألا وهي اقتناء الخمر، بل اقتناء أم الخمر وهي الكحول.

فعلى ذلك إن صح ما سمعتم آنفًا أن هذه المشروبات فيها شيء من الكحول فلا يجوز صنعها.

يأتي دور: هل يجوز شربها؟ وهذا هو بيت القصيد كما يقال فأقول: ليس مجرد مخالطة مادة محرمة لمادة حلال تصير هذه المادة الحلال حرامًا، وإنما ينبغي النظر في هذه المادة: هل غلب عليها الحرام، أم غلب عليها الحلال؟ وهذه المسألة واضحة من بحث المياه في كتب الفقه وفي كتب الحديث على الخلاف المعروف بين الفقهاء فيما إذا سقطت نجاسة في ماء، فهل تنجس هذا الماء، وهل يجوز شربه والتوضؤ به أم لا؟ الخلاف في ذلك طويل الذيل، لكن القول الصحيح هو ما اقتضاه قوله عليه الصلاة والسلام: «الماء طهور لا ينجسه شيء» أي: كما أجمع علماء المسلمين: ما لم يتغير طعمه أو لونه أو ريحه، وعلى هذا فأي ماء وقعت فيه نجاسة سواء كانت هذه النجاسة بولًا أو غائطًا أو دمًا مسفوحًا أو أي شيء، فإذا تغير أحد أوصاف الماء الثلاثة بسبب النجاسة الطارئة فقد خرج الماء عن كونه ماء طهورًا فلا يجوز حينذاك شربه إلا إذا دخل في دائرة الطاهر دون المطهر، وهذا أيضًا له تفصيل آخر.

المهم: أنه لا يلزم من وقوع النجاسة في مادة سائلة أن تصبح هذه المادة السائلة نجسة محرمة، وعلى ذلك فإذا كان هناك ماء طاهر مطهر ووقعت فيه قليل أو كثير من الخمر، والخمر محرمة بنص الكتاب والسنة وإجماع الأمة، على خلاف في بعض

<<  <  ج: ص:  >  >>