للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

سمعتموه آنفاً، مطلقة: «إذا وقعت الفأرة في سمن أحدكم فألقوها وما حولها وكلوه» هذه رواية صحيح البخاري وغيره، ومن طرق تدور على الإمام الجليل الإمام الزهري، لكن في رواية أخرى خارج الصحيح تفرد بروايتها معمر عن الزهري، فأدخل في الحديث تفصيلاً كان هذا التفصيل منشأ خلاف بين الفقهاء، حيث قال: «فإن كان جامداً فألقوها وما حولها، وإن كان مائعاً فأريقوه» رواية معمر هذه رواية شاذة في تعبير علماء الحديث لأن معمراً هذا ثقة ولكن له بعض المخالفات، فإذا خالف من هو أحفظ منه أو أكثر عدداً منه كما هو واقع هذا الحديث كانت روايته شاذة، والحديث الشاذ قسم من أقسام الحديث الضعيف عند علماء الحديث، فمن تبينت له هذه الحقيقة الحديثية وأن الحديث الصحيح مطلق وليس فيه هذا التفصيل الذي تفرد به معمر حينئذٍ لم يجز له من الناحية الفقهية أن يخصص الحديث بالرواية الشاذة أو بالرأي كما يقول بعضهم، هذه الفأرة حينما تقع في السمن الجامد يمكن حينما نرى السمن جامداً وهو محيط بالفأرة يمكن أن تكون حينما وقعت وقعت في السمن أو في الزيت وهو مائع، فإذاً: تكون السمنة أو الزيت قد اضطربت فيها الفأرة واختلطت نجاستها بهذا السائل من الزيت أو من السمن، فما يدرينا نحن أن هذه الفأرة وقعت في هذا السمن وهو جامد فقط أو زيت؟ هذا رأي لبعض الناقدين من الفقهاء ولكن نحن لا نرى لمثل هذا الرأي وزناً أو قيمة تذكر تجاه عموم الحديث أو إطلاق الحديث الصحيح، «فألقوها وما حولها وكلوه» ويمكننا أن

نتصور أن الفأرة لما وقعت في السمن أو الزيت المائعين فعلاً اضطربت فيها وضربت إلى تحت وطلعت إلى فوق .. إلخ، لكن ما آن لها أن تتفسخ وأن تذيع مفاسدها في عموم هذا الزيت أو هذا السمن، فإذاً: صدق رسول الله - صلى الله عليه وسلم - حين قال: «فألقوها وما حولها ثم كلوه» على هذا الميزان نخرج بالنتيجة السابقة أن الجبنة الهولندية وإن كان فيها شيء من نجاسة المنفحة فهذا لا يضر، لأن هذه النجاسة ضائعة في غمرة الأطنان أو على الأقل كليوات من الحليب.

(الهدى والنور/٤٩٠/ ٠٥: ٢٧: ٠٠)

(الهدى والنور/٤٩٠/ ٢٩: ٤٥: ٠٠)

<<  <  ج: ص:  >  >>