فِيهِ «وَأَبُو الْحَسَنِ»، والْمَذْكُورُ فِي التَّهْذِيبِ وَغَيْرِهِ «وَأَبُو الْحُسَيْنِ»، ثُمَّ وَقَعَ فيه «قَالَ: وَحَدَّثَنَا»، فَلَعَلَّ الصَّوابَ «قَالا»، كَمَا يَدُلُّ عَلَيْهِ السِّيَاقُ، أَيْ: مُحَمَّدُ بْنُ عَوْفٍ وَأَبُو الْحُسَيْنِ - وَاسْمُهُ مُحَمَّدٌ أَيْضَاً -، وَسَوَاءٌ أَكَانَ الْمَعْنِىَّ أَحَدُهُمَا أَوْ كِلاهُمَا، فَهُوَ ثِقَةٌ، وَذَلِكَ دَلِيلٌ قَاطِعٌ عَلَى خَطَأ مَنْ نَسَبَ إِلَى بِشْرِ بْنِ شُعَيْبِ بْنِ أَبِي حَمْزَةَ أنَّهُ قَالَ فِي الْحَدِيثِ «ثُلُثَاً»، وَيُؤَكِّدُهُ مَا يَأتِي: [ثَانِيَاً] قَالَ إِسْحَاقُ بْنُ يَحْيَى الْكَلْبِيُّ عَنِ الزُّهْرِيِّ بِهِ بِلَفْظِ: «كُلُوا مِنْهَا ثَلاثَاً. يَعْنِي لُحُومَ الأَضَاحِي». أَخْرَجَهُ الطَّحَاوِيُّ فِي «شَرْحِ الْمَعَانِي» «٢/ ٣٠٦_٣٠٧» تَحْتَ: بَابِ أَكْلِ لُحُومِ الأَضَاحِي بَعْدَ ثَلاثَةِ أَيَّامٍ، لَكِنْ وَقَعَ فِيهِ «ثلثاً» بِإِسْقَاطِ أَلَفِ اللامِ كِتَابَةً لا لَفْظَاً، كِكِتَابَةِ الْعَلَمِينَ فِي الْمُصْحَفِ الْعُثْمَانِيِّ. فَعَلَى هَذَا يُرَجَّحُ أَنَّ مَا فِي الأَصْلِ كُتِبَ كَذَلِكَ، لَكَنْ أَخْطَأَ مَنْ ضَبَطَهُ بِضَمِّ الثَّاءِ وَاللامِ. وَاللهُ أَعْلمُ. [ثَالثَاً] رَوَاهُ ابْنُ أَخِي ابْنِ شِهَابٍ عَنْ عَمِّهِ ابْنِ شِهَابٍ بهِ بِلَفْظِ: «كُلُوا مِنَ الأَضَاحِي ثَلاثَاً». فَكَانَ ابْنُ عُمَرَ يَأْكُلُ حَتَّى يَنْفِرَ مِنْ مِنَيً مِنْ لُحُومِ الأَضَاحِي. أَخْرَجَهُ الْبُخَارِيُّ «٥٥٧٤»، وَمُسْلِمٌ «٦/ ٧٩ - ٨٠»، وَأبُو عَوَانَةَ «٥/ ٢٣٢». وَأَخْرَجَهُ أحْمَدُ «٢/ ٩» مِنْ طَرِيقِ ابْنِ عُيَيْنَةَ عَنِ الزُّهْرِيِّ بِهِ بِلَفْظِ: «لا يَأْكُلُ مِنْ لَحْمِ أُضْحِيَتِهِ فوقَ ثَلاثٍ». وَبِمَعْنَاهُ رَوَاهُ مَعْمَرٌ عَنِ الزُّهْرِيِّ بِهِ.
أَخْرَجَهُ مُسْلِمٌ، وَأحْمَدُ «٢/ ٣٤». وَتابَعَهُ نَافِعٌ عَنْ ابْنِ عُمَرَ بِهِ، وَزَادَ:
«وَكَانَ عَبْدُ اللهِ إِذَا غَابَتْ الشَّمْسُ مِنْ الْيَوْمِ الثَّالِثِ لا يَأْكُلُ مِنْ لَحْمِ هَدْيِهِ». أَخْرَجَهُ مُسْلِمٌ، وَأحْمَدُ «٢/ ٨١». وَهَكَذَا رَوَاهُ جَمْعٌ آخَرَ مِنَ الصَّحَابَةِ عَنِ النَّبِيِّ - صلى الله عليه وسلم -، اسْتَوْعَبَ الْكَثِيْرَ مِنْهَا الطَّحَاوِيُّ، فسَاقَهَا بِأَسَانِيدِهِ، وَبَعْضُهَا فِي «الصَّحِيحَيْنِ»، وَكُلُّهَا مُجْمِعَةٌ عَلَى النَّهْي عَنْ أَكْلِ لُحُومِ الأَضَاحِيِّ إِلا فِي ثَلاثَةِ أيَّامٍ، مِمَّا يُؤَكِّدُ خَطَأَ حَدِيثِ التَّرْجَمَةِ بِالضَّبْطِ الَّذِي سَبَقَ بَيَانَهُ.
وَاعْلَمْ أَنَّ هَذَا النَّهْي قَدْ صَحَّتْ أَحَادِيثٌ تَدُلُّ عَلَى أَنَّهُ كَانَ لِزَمَنٍ مُعِينٍ، ثُمَّ نُسِخَ، مِنْهَا: حَدِيثُ بُرَيْدَةَ رَضِيَ اللهُ عَنْهُ مَرْفُوعَاً: «وَنَهَيْتُكُمْ عَنْ لُحُومِ الأَضَاحِيِّ فَوْقَ ثَلاثٍ، فَأَمْسِكُوا مَا بَدَا لَكُمْ». أَخْرَجَهُ مُسْلِمٌ وَغَيْرُهُ، وَهُوَ مُخَرَّجٌ فِي «الإِرْوَاءِ»، مَعَ حَدِيثِ ابْنِ عُمَرَ برقم «١١٥٥». وَفِي مَعْنَاهُ أَحَادِيثٌ أُخْرَى عَنْ جَابِرٍ رَضِيَ اللهُ
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute