للنساء الذهب مطلقاً، فإذا قيل لهم: هل يجوز لها الشرب؟ قالوا: لا، ما الدليل؟ دليل عام، فأعملوا الدليل العام، وهجروا الدليل الخاص، وهذا ليس صواباً لا من حيث علم أصول الفقه الذي هم وضعوه، وقالوا مثلاً: أن الخاص يخصص العام، وبعض السلف كان يسمي النص العام منسوخاً، والنص الخاص ناسخاً، وهذا المعنى فيه دقة؛ لأنه فعلاً النص الخاص ينسخ النص العام، لكن ليس كله، ينسخ منه هذه الجزئية، فهم لاحظوا هذا المعنى وقالوا كلمات أشكلت علينا نحن المتأخرين، مثلاً: الإمام السيوطي في كتابه «الإتقان في علوم القرآن» يذكر أن هناك نحو ستين آية أو أكثر والله نسيت الآن، منسوخة، ويأتي الخلف ويقولون: يا غيرة الله! ستين آية في القرآن منسوخة، هذا مبالغة، لكن هو الذي يستغرب هذا ويجعله مبالغة، هو لا يعرف اصطلاح السلف، لأن السيوطي وظيفته جمع الأقوال في الآيات، فجمع، فلان قال الآية الفلانية منسوخة، وفلان قال الآية الفلانية منسوخة .. إلى آخره، فظن أن النسخ هنا بالمعنى الأصولي المتأخر، يعني إلغاء الحكم من أصله، مثلاً: قوله تعالى: {لا إِكْرَاهَ فِي الدِّينِ قَدْ تَبَيَّنَ الرُّشْدُ مِنَ الغَيِّ}[البقرة: ٢٥٦].
إذاً: لا يجوز مقاتلة الكفار، لكن قال عليه السلام:«أمرت أن أقاتل الناس حتى يشهدوا أن لا إله إلا الله، وأن محمداً رسول الله، فإذا قالوها، فقد عصموا مني دمائهم وأموالهم إلا بحقها وحسابهم على الله».
الآية إذاً مخصصة وليست منسوخة، مخصصة لأنه في إكراه لمن أبى أن يدفع الجزية وأبى الإسلام، فحينئذ لا بد من القتال، وهذا معروف في سنة الرسول عليه السلام لما كان يجهز السرايا ويأمر عليها الأمراء، يقول للأمير: إذا لقيتم المشركين، فادعوهم إلى إحدى ثلاث: إلى الإسلام، فإن أبوا فالجزية، فإن أبوا فالقتال.
الذي يدفع الجزية، {لا إِكْرَاهَ فِي الدِّينِ}[البقرة: ٢٥٦]، ولا يسلم.
بقي الشيء الثالث الذي لا يسلم ولا يدفع الجزية، فهو يكره على الإسلام؛ لأنه