الشيخ: نعم، الفخذ عورة لمجيء أحاديث كثيرة تُصَرِّح بأن الفخذ عورة، أما حديث البئر وإدلاء الرسول عليه السلام رجليه فيه، بأنه كان كاشفاً عن فخذيه لما دخل أبو بكر ثم دخل عمر، فلما دخل عثمان غَطّى.
فهذا لا يجوز الاستدلال به على أنه يجوز لكل مسلم أن يكشف عن فخذيه، والمسألة الحقيقة فيها بحث علي دقيق.
أولاً: كما يقول بعض أهل العلم: هذه الحادثة حادثة عين لا عموم لها، وما كان من الحوادث هكذا، فلا يجوز أن يُعَارَض بها قول الرسول عليه السلام الذي يُوَجَّه إلى الأمة ويصير تشريعاً عاماً. الفخذ عورة، ما بين السُّرّة والركبة عورة، لا يجوز أن يُعارض هذا التشريع النبوي القولي بما وقع منه عليه الصلاة والسلام في تلك الحادثة؛ وذلك لأسباب:
أولاً: يمكن أن يكون ذلك قبل تحريم كشف الفخذ، أي: قبل نزول أن الفخذ عورة، ويمكن أن يكون ذلك خُصُوصِيَّة من خصوصيات الرسول - صلى الله عليه وسلم -.
ثم يقال: إن كان الرسول عليه السلام فعل ذلك، فإنما فعل ذلك لحاجة التَبَرُّد، فأين هذا من أن يتخذه بعض المسلمين عادةً، وأن يلبسوا لباساً قصيراً يكشف عن الفخذين، بحجة أن الرسول عليه السلام كشف عن فخذيه في تلك الحادثة.
هذا الحادثة وقعت مرةً واحدةً في الحياة وانتهى أمرها، فهل يُجْعَل ذلك سنة مستمرة، فيقال: يجوز لبس التبان باللغة العربية البنطلون الشُورت القصير، الذي ليس له أكمام، اسمه تبان، ولبس التبان لا يؤخذ من هذه الحادثة؛ لأن الحادثة جزئية وقعت في حياة الرسول عليه السلام الطويلة المباركة.
فلو أنه لم يكن عندنا حديث:«الفخذ عورة» لم يجز أن تُتَّخذ هذه الحادثة دليلاً عاماً مُطَّرداً على أنه يجوز أن يكشف المسلم دائماً عن فخذه.
ثم، لماذا نأخذ هذه الحادثة فنطردها ونُعَمِّمها، ولا نأخذ حوادث الرسول عليه