كذلك فيما يتعلق ببعض الألبسة، فالرسول - صلى الله عليه وسلم - كان يفك أزرار قميصه وكان له نعلان لهما قبالان فإذا لبس اللابس اليوم بعض الأحذية المعروفة والتي قد تستر مقدمة القدم كله وليس هناك سيرين، ما نقول: هذا خالف السنة؛ لأن هذا اللباس يتعلق بالعادة.
بل هناك ما هو أدق في المسألة، كان الرسول - صلى الله عليه وسلم - يربي شعره حتى يبلغ شحمتي الأذنين فإن طال فإلى رؤوس المنكبين ودخل مكة وله أربع غدائر وهذا ثابت في صحيح مسلم فلا يقول فقيه بأن إطالة الشعر سنة مستحبة يعني: عبادة، أو أن حلق الشعر هو عبادة إلا في الحج طبعاً وليس كلامنا هناك، بل قد صح عن النبي - صلى الله عليه وسلم - أنه نهى عن القزع وقال:«احلقوه كله أو اتركوه كله» فإذاً: حلقه كله كتركه كله سواء إن شاء فعل هذا وإن شاء فعل هذا، فما بالذي يربي شعره وينميه بأفضل من الذي يحلقه ويرميه كلاهما سواء .. كلاهما فعل أمراً مباحاً .. يستوي الطرفين، فمن حلق شعره مثلاً وادعى في ذلك أنه يتبع النبي - صلى الله عليه وسلم - فهو مغالٍ؛ لأن هذه من سنن العادة وليست من سنن العبادة، وعلى العكس تماماً من ربى شعره وادعى أن هذا أفضل فهو كالأول ادعى ما ليس له؛ لأن النبي - صلى الله عليه وسلم - قال:«احلقوه كله أو اتركوه كله».
كذلك من ربى شعره بحكم العادة وجعل منه ضفائر وغدائر وهذه عادة لا تزال موجودة في بعض البوادي في سوريا وفي غيرها، فمن ربى شعره واتخذ من الأربع غدائر ما يكون أيضاً من الذي سدل شعره ولم يتخذ منه غدائر كلاهما سواء وكلاهما يأتون بعادة لا يحمد عليها ولا يذم، إنما يأتي الذم فيما إذا قصد بالعادة ما لم يقصده رسول الله - صلى الله عليه وسلم - ..
هنا يأتي التنبيه الواجب: وهو أنه إذا عرف المسلم عادة من عادات النبي - صلى الله عليه وسلم - فليس له أن يغالي فيها إما سلباً أو إيجاباً فيقول: يستحب فعله ما دام أن الرسول عليه السلام فعله، أو لا يستحب ولا يجوز فعله وإن كان الرسول فعله، كل منهما مغالٍ،