«لكن الضعيف يعمل به في فضائل الأعمال باتفاق العلماء وهذا من ذاك».
قلت: هذا الحديث الضعيف معارض لعموم الحديث الصحيح: «فقولوا مثل ما يقول». فمثله لا يجوز العمل به عند من يقول بجواز العمل بالحديث الضعيف. ومن الغريب أن يتمسك به الشافعية على ضعفه ويتركوا العمل بعموم الحديث الصحيح.
ثم عن ما ذكره من الاتفاق على العمل بالحديث الضعيف في فضائل الأعمال ليس كذلك فإن من العلماء من لا يعمل بالحديث الضعيف مطلقا لا في الأحكام ولا في الفضائل وقد حكى ذلك ابن سيد الناس في «عيون الأثر» عن يحيى بن معين ونسبه في «فتح المغيب» لأبي بكر بن العربي. قال العلامة جمال الدين القاسمي في «قواعد التحديث في مصطلح الحديث»:
«والظاهر أن مذهب البخاري ومسلم ذلك أيضا يدل عليه شرط البخاري في «صحيحه» وتشنيع الإمام مسلم على رواة الضعيف المتفق على ضعفه كما أسلفنا. وهذا مذهب ابن حزم رحمه الله أيضا حيث قال في «الملل والنحل». راجع كلامه فيه. وفي «المحلى» أيضا. ويضاف هنا الشروط التي ذكرها الحافظ ابن حجر في «تبين العجب فيما ورد في فضل رجب».
والذي أعتقده وأدين الله به أن الحق في هذه المسألة مع العلماء الذين ذهبوا إلى ترك العمل بالحديث الضعيف في فضائل الأعمال وذلك لأمور:
أولا: أن الحديث الضعيف لا يفيد إلا الظن اتفاقا والعمل بالظن لا يجوز لقوله تعالى: {إِنْ يَتَّبِعُونَ إِلاَّ الظَّنَّ وَإِنَّ الظَّنَّ لا يُغْنِي مِنَ الْحَقِّ شَيْئًا}[النجم: ٢٨] وقوله - صلى الله عليه وسلم -: «إياكم والظن فإنه أكذب الحديث».
ثانيا: أن النبي - صلى الله عليه وسلم - أمرنا باجتناب الرواية عنه إلا ما علمنا صحته عنه فقال:«اتقوا الحديث عني إلا ما علمتم» ومن المعلوم أن رواية الحديث إنما هي وسيلة للعمل بما ثبت فيه فإذا كان عليه الصلاة والسلام ينهانا عن رواية ما لم يثبت عنه