الصلاة. ومنهم من كره الإسراع واختار أن يمشي على تؤدة ووقار وبه يقول أحمد وإسحاق وقالا: العمل على حديث أبي هريرة. وقال إسحاق: إن خاف فوت التكبيرة الأولى فلا بأس أن يسرع في المشي».
قلت: الصواب كراهة الإسراع خاف فوت التكبيرة أو لا لعموم الحديث وهو مذهب الشافعية وحكاه ابن المنذر عن زيد بن ثابت وأنس وأحمد وأبي ثور واختاره ابن المنذر وحكاه العبدري عن أكثر العلماء كما في «المجموع» وذكر فيه قولا لبعض الشافعية - وهو أبو إسحاق - مثل قول إسحاق الذي نقله الترمذي فقال النووي:
«وهو ضعيف جدا منابذ للسنة الصحيحة».
قال العلماء: والحكمة في إتيانها بسكينة والنهي عن السعي: أن الذاهب إلى صلاة عامد في تحصيلها ومتوصل إليها فينبغي أن يكون متأدبا بآدابها وعلى أكمل الأحوال وهذا معنى قوله في رواية مالك وغيره: «فإن أحدكم في صلاة ما كان يعمد إلى الصلاة».
وقوله:«إذا أقيمت الصلاة» إنما ذكر الإقامة للتنبيه بها على ما سواها لأنه إذا نهى عن إتيانها سعيا في حال الإقامة مع خوفه فوت بعضها فقبل الإقامة أولى وأكد ذلك بيان العلة فقال: «فإن أحدكم في صلاة ما كان يعمد إلى الصلاة». وهذا يتناول جميع أوقات الإتيان إلى الصلاة وأكد ذلك تأكيدا آخر قال:«فما أدركتم فصلوا وما فاتكم فأتموا». فحصل فيه تنبيه وتأكيد لئلا يتوهم متوهم أن النهي إنما هو لمن لم يخف فوت بعض الصلاة فصرح بالنهي وإن فات من الصلاة ما فات وبين ما يفعل فيما فاته.
وقد اختلف العلماء فيما فات من الصلاة: هل هي أول صلاته أو آخرها؟
والحق الأول كما سيأتي بيان ذلك في محله إن شاء الله تعالى.
«تنبيه»: وأما قوله تعالى: {فَاسْعَوْا إِلَى ذِكْرِ الله}[الجمعة: ٩] فليس المراد منه السعي المنهي عنه في الحديث بل هو بمعنى المضي والذهاب.