عمر الفاروق الذي كان يخطب يوم جمعة حينما دخل رجل فقال له منكراً عليه تأخره، قال:«ما كان إلا أن سمعت الأذان فتوضأت ثم جئت فقال له: «آلوضوء أيضاً وقد قال -أو قال سمعت- رسول الله - صلى الله عليه وسلم - يقول: «من أتى الجمعة فليغتسل».
فهذا الخليفة الراشد عمر بن الخطاب رأى رجلاً تأخر عن الحضور في أول الخطبة ومع ذلك لم يسكت عليه فكيف يسكت على الناس الذين هم بين يديه وهم يتكلمون والمؤذن يؤذن على افتراض أن إجابته واجبة فدل هذا العمل من سكوت عمر على فعل أولئك الناس الحاضرين في المسجد أن الإجابة ليست واجبة.
ومن ذلك أيضاً أنه جاء في بعض الأحاديث أن النبي - صلى الله عليه وسلم - سمع المؤذن يقول:«أشهد أن لا إله إلا الله» فلم يزد على قوله: «وأنا أشهد» لم يقل العبارة بكاملها إلى غير ذلك مما لا يحضرني من القرائن هذا شيءٌ.
وشيءٌ آخر ألا وهو أن دعاء جابر ينتهي بقوله عليه الصلاة والسلام:«آت محمداً الوسيلة والفضيلة وابعثه مقاماً محموداً الذي وعدته»، أما زيادة:«إنك لا تخلف الميعاد» فهي شاذة إن لم تكن منكرة لأن الإمام البخاري والإمام أحمد كلاهما رويا هذا الحديث عن جابر من طريق شيخ لهما وهو علي بن عياش بإسناده الصحيح إلى محمد بن المنكدر عن جابر عن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - ليس عندهما هذه الزيادة:«إنك لا تخلف الميعاد» وإنما تفرد بروايتها من بين كتب السنن المشهورة الإمام أبو بكر البيهقي في كتابه المعروف بالسنن الكبرى رواها أيضاً من طريق علي بن عياش ولا يشك باحث على أن رواية الإمام أحمد زائد رواية الإمام البخاري عن نفس هذا الشيخ أتقن وأنظف وأحفظ من رواية الشيخ الذي رواه عن علي بن عياش وعنه أبو بكر البيهقي بواسطة ولذلك فلا ينبغي أن يزيد الداعي بهذا الدعاء على ما صح عن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - به كما ذكرت آنفاً.