إذاً نعود لنقول نفترض أنه داخل في عموم إذا سمعتم فمن أين جاءوا بجهر المؤذن بالصلاة على النبي - صلى الله عليه وسلم - كما يجهر بالأذان حسبه أن يقال: له أن يصلي على النبي - صلى الله عليه وسلم - بعد فراغه من الأذان هذا على افتراض أن المؤذن يدخل في عموم «إذا سمعتم» لكننا قد قلنا أن هذا العموم هنا ليس صواباً لأن المقصود به المخاطبين فإذاً هنا من بعض المؤذنين في بعض البلاد العربية خطآن اثنان:
الأول: أنهم أدخلوا في عموم قوله: «إذا سمعتم» المؤذن واستلزموا من ذلك أنه يصلي على النبي - صلى الله عليه وسلم -.
والخطأ الثاني: أنهم جوزوا له أن يرفع صوته بالصلاة على النبي - صلى الله عليه وسلم - فألحقوا بالأذان ما لم يكن منه طيلة القرون المشهود لها بالخيرية.
وأنا أعتقد أن من لازم المتكلفين لتسويغ بدعهم أن يقعوا فيما لا يقولون به وهذا هو الشاهد إذا قالوا له أن يصلي قلنا لهم إذاً المؤذن له أن يؤذن مرتين مرة جهراً ومرة سراً لأن ذلك مقتضى قولهم «إذا سمعتم المؤذن» أي حتى دخل المؤذن في ذلك.
ويشبه هذا استدلال بعض الصوفية على الذكر المبتدع الذي فيه الرقص المحرم وهو الميل يميناً ويساراً حينما يذكرون الله في حلقات الذكر يحتجون على جواز ذلك بقوله تبارك وتعالى:{الَّذِينَ يَذْكُرُونَ اللَّهَ قِيَاماً وَقُعُوداً وَعَلَى جُنُوبِهِمْ} إلى آخر الآية [آل عمران: ١٩١] يفسرون هذه الآية تفسيراً يؤيدون به بدعتهم وضلالتهم في الرقص في الذكر والميل فيه يميناً ويساراً قلنا لهم إذاً عليكم أن تلتزموا هذا التفسير وأن تطبقوه ولو أنكم كنتم مخطئين في هذا التفسير وإذا رأيتم أنه صواب كما تزعمون فعليكم أن تطبقوا نص الآية بتفسيركم فأنتم تميلون يميناً ويساراً ولكن تركتم تطبيق تمام الآية {الَّذِينَ يَذْكُرُونَ اللَّهَ قِيَاماً وَقُعُوداً وَعَلَى جُنُوبِهِمْ}[آل عمران: ١٩١] فما يميل بعضكم على بعض على جنب فإذاً أنتم خالفتم تفسيركم بعملكم {أَفَتُؤْمِنُونَ بِبَعْضِ الْكِتَابِ وَتَكْفُرُونَ بِبَعْضٍ}[البقرة: ٨٥] ليس هذا طبعاً من شأن المسلمين.