للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

المساجد الأخرى، فكأنه يقيم الأذان المُسَجَّل مكان أذان المُكَلِّف.

فكل مُؤَذِّني المساجد عليهم أن يقوموا كلٌ منهم بواجبه، ومن ذلك الأذان، كما أن كل أئمة المساجد عليهم أن يقوموا بوظيفة الإمامة.

فإذا كان من نتيجة توحيد الأذان يلزم من ذلك تعطيل الأذانات في المساجد الأخرى، وهذا كما قلنا تعطيل لشعيرة من شعائر الله تبارك وتعالى.

ويُضَاف إلى ذلك: بأن أذان [كل] مسجد يختلف عن أذان مسجد آخر كل الاختلاف في مثل هذا البلد الذي ابتلي أهله بتوحيد الأذان.

فالأذان -مثلاً- على الجبل الذي هو أعلى جبل في هذا البلد، وهو المعروف بجبل الأشرفية، لا يكون أذان الفجر فيه -مثلاً- كأذان المسجد الذي يكون في وسط البلد؛ لأن من كان على رأس ذلك الجبل يرى طلوع الفجر الصادق قبل دقائق كثيرة جداً من أولئك الذين هم في وادي الجبل.

ففرض الأذان المُوَحَّد هو مناقض للتوقيت الشرعي، وإن تعجب فعجب من هؤلاء المتحمسين والمدافعين عن الأذان الموحد أنهم حين يَطْبَعون المفكرة التي يطبعون عليها مفكرة وزارة الأوقاف، ويكتبون في أسفل كل ورقة: «مع مراعاة فرق التوقيت بالنسبة لاختلاف البلاد» وهذا التنبيه جَيّد في الحقيقة مطابق للشرع، لكن هم أول من يخالف هذا التنبيه وهذا الشرع.

ذلك: لأنهم حينما فرضوا على الناس أذاناً واحداً، فمعنى ذلك أنهم لم يُراعوا هذا الاختلاف والتوقيت من مكان إلى مكان آخر.

ونحن لنا تجربة في هذا البلد، وكما يقول تُجَّار الأراضي: بأن الأرض تختلف بالشبر، كذلك الأوقات تختلف.

لقد دُعينا مَرَّة منذ بضع سنين للإفطار في قرية، كانت الآن ضُمَّت إلى عمان اسمها الناعور، فجلسنا على برندة كهذه، لكن تلك جنوبية، أما هذه البرندة كما ترون شمالية، والجالس فيها يرى مع ذلك غروب الشمس كما نراه نحن هنا، لأول

<<  <  ج: ص:  >  >>