للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

بعض البلاد العربية أيضاً هذا الأذان الذي أبغض ابن عمر صاحبه؛ لأنه كان يلحن فيه ويطرب فيه.

الشيء الثاني: وهذا مهم جداً حيث ذكر له أن مما حمل ابن عمر على ألا يحبه في الله بل على أن يبغضه أنه يأخذ على أذانه أجراً، ولا شك ولا ريب أنه لا يجوز عند علماء المسلمين قاطبة دون أي خلاف يذكر منهم أنه لا يجوز أخذ الأجر على أي نوع من أنواع العبادات؛ ذلك لأن الله تبارك وتعالى قد ذكر في غير ما آية من القرآن الكريم أن العبادة لا تكون مقبولة إلا إذا كان خالصة لوجهه تبارك وتعالى، كما قال عز وجل: {وَمَا أُمِرُوا إِلَّا لِيَعْبُدُوا اللَّهَ مُخْلِصِينَ لَهُ الدِّينَ} [البينة: ٥] وكما قال تبارك وتعالى: {قُلْ هَذِهِ سَبِيلِي أَدْعُوا إِلَى اللَّهِ عَلَى بَصِيرَةٍ أَنَا وَمَنِ اتَّبَعَنِي وَسُبْحَانَ اللَّهِ وَمَا أَنَا مِنَ الْمُشْرِكِينَ} [يوسف: ١٠٨] قوله: {وَمَا أَنَا مِنَ الْمُشْرِكِينَ} [يوسف: ١٠٨] يشمل الشرك بكل أنواعه، ومن ذلك الشرك في الإخلاص لله عز وجل، فإذا أتى الإنسان بعبادة ليس لوجه الله وإنما لقصد الأجر الدنيوي العاجل فذلك نوع من الشرك كما قال تبارك وتعالى في آية أخرى: {فَمَنْ كَانَ يَرْجُوا لِقَاءَ رَبِّهِ فَلْيَعْمَلْ عَمَلًا صَالِحًا وَلا يُشْرِكْ بِعِبَادَةِ رَبِّهِ أَحَدًا} [الكهف: ١١٠] {فَمَنْ كَانَ يَرْجُوا لِقَاءَ رَبِّهِ فَلْيَعْمَلْ عَمَلًا صَالِحًا} قال أهل التفسير: أي: فليعمل عملاً موافقاً للسنة، فإن أي عمل .. أي عبادة لا توافق السنة فلا تكون عملاً صالحاً، وفي ذلك أحاديث كثيرة حسبنا حديث واحد ألا وهو قوله - صلى الله عليه وسلم -: «من أحدث في أمرنا هذا ما ليس منه فهو رد».

فإذاً: العمل الصالح ينبغي أن يكون على السنة هذا هو الشرط الأول الذي ذكر في هذه الآية: {فَمَنْ كَانَ يَرْجُوا لِقَاءَ رَبِّهِ فَلْيَعْمَلْ عَمَلًا صَالِحًا} [الكهف: ١١٠].

والشرط الثاني: {وَلا يُشْرِكْ بِعِبَادَةِ رَبِّهِ أَحَدًا} [الكهف: ١١٠] أي: لا يبتغي بعبادة ربه أجراً دنيوياً، وعلى هذا فينبغي التنبيه أن من كان مؤذناً وله راتب، فلا ينبغي أن يأخذ هذا الراتب على أنه أجر على أذانه؛ لأنه قبل كل شيء خالف الله في أمره، في أن يكون في عبادته خالصاً لوجهه تبارك وتعالى، ثم يخسر فضيلة المؤذن التي جاء ذكرها في بعض الأحاديث الصحيحة.

<<  <  ج: ص:  >  >>