لنضرب عليه في وقت الصلاة، قال: أفلا أدلك على ما هو خير من ذلك؟ ثم قام على جذم جذر، أي: على جدار مهدوم، وقد بقي منه شيء فوق الأرض فعلى عليه ووضع أصبعيه في أذنيه، وقال: الله أكبر الله أكبر هذا الأذان المعروف لديكم والحمد لله، ثم نزل من ذلك الجذم إلى الأرض وأقام الصلاة.
فلما أصبح الرجل قص رؤياه على النبي - صلى الله عليه وسلم - فقال:«إنه رؤيا حق فألقه -هنا الشاهد- على بلال فإنه أندى صوتاً منك» لذلك اتفق العلماء على أن المؤذن ينبغي أن يكون صيتاً ندي الصوت جهوري الصوت بحيث أنه يبلغ إلى أبعد مكان عن المسجد، فلما وجدت هذه الوسيلة التي تبلغ الصوت إلى مسافات بعيدة ما شاء الله أجمع العلماء عملياً على شرعية اتخاذ هذه الوسيلة؛ لأنها تؤكد تلك الغاية التي شرحها الرسول عليه السلام في الأحاديث المشار إليها وهي تبليغ الصوت إلى أبعد مكان ممكن، فهذا في الأذان أمر مرغوب مشروع، استعمال هذه الوسيلة في الأذان فقط أمر مرغوب مشروع؛ لأنه يحقق غاية مشروعة، لكن ليس الأمر كذلك في أمرين اثنين مما هو واقع في هذه المساجد التي تستعمل فيها هذه الوسيلة:
الأمر الأول: إذاعة الإقامة بهذا الجهاز، فهذا لا يشرع؛ لأن الإقامة لم تكن في مكان الأذان؛ لأنه ليس المقصود بالإقامة إبلاغها إلى أبعد مدى كما هو الشأن في الأذان وإنما الإقامة إعلام خاص للذين في المسجد فهم ينهضون للصلاة فليس هناك حاجة إلا نادر جداً جداً في مسجد كبير ويكون المصلون فيه جمعاً غفيراً جداً بحيث أن كثيرين ممن هم بعيدين في يمين الصف أو شماله .. في مثل هذا المسجد الكبير يمكن أن يقال باستعمال هذا المكبر للصوت في الإقامة، أما في المساجد التي ليست في تلك التوسعة فلا ينبغي أن نشغل الناس خارج المسجد بمثل هذه الإقامة؛ لأن الإقامة إعلام خاص متعلق بمن كان في داخل المسجد، ولا ينبغي لنا أن نحسن ما لم يحسنه الشارع فنقول كما قيل لبعض ما ذكرت بهذا، قيل: أليس من الأحسن أن نسمع الإقامة أيضاً لمن كان خارج المسجد، نقول: من مثل هذا التحسين فتح على المسلمين باب الابتداع في الدين.