بيت المقدس أمره الله أن يستقبل بيت المقدس ففرحت اليهود فاستقبلها سبعة عشرة شهرا، وكان رسول الله - صلى الله عليه وسلم - يحب أن يستقبل قبلة إبراهيم فكان يدعو وينظر إلى السماء فنزلت. ومن طريق مجاهد قال: إنما كان يحب أن يتحول إلى الكعبة لأن اليهود قالوا: يخالفنا محمد ويتبع قبلتنا. فنزلت».
قلت: سكت الحافظ عن حديث ابن عباس هذا ولعل ذلك لوضوح علته فإن علي بن أبي طلحة هذا صدوق قد يخطيء أرسل عن ابن عباس ولم يره كما قال الحافظ نفسه في «التقريب» فالحديث بهذا السياق ضعيف لانقطاعه.
«والحكمة من هذا التحويل إنما هي ابتلاء من الله وامتحان كما بينه عز وجل في قوله: {وَمَا جَعَلْنَا الْقِبْلَةَ الَّتِي كُنتَ عَلَيْهَا إِلاَّ لِنَعْلَمَ مَنْ يَتَّبِعُ الرَّسُولَ مِمَّنْ يَنقَلِبُ عَلَى عَقِبَيْهِ وَإِنْ كَانَتْ لَكَبِيرَةً إِلاَّ عَلَى الَّذِينَ هَدَى الله وَمَا كَانَ الله لِيُضِيعَ إِيمَانَكُمْ إِنَّ الله بِالنَّاسِ لَرَءُوفٌ رَحِيمٌ}[البقرة: ١٤٣].
«ب» وأما السنة فقوله عليه الصلاة والسلام للمسيء صلاته:
«إذا قمت إلى الصلاة فأسبغ الوضوء ثم استقبل القبلة فكبر ... الحديث».
هو قطعة من الحديث المشهور بحديث المسيء صلاته. [متفق عليه].
«[وفي رواية: فإذا فعلت هذا فقد تمت صلاتك وما انتقصت من هذا فإنما انتقصته من صلاتك]».
هذه الزيادة تفرد بها أبو داود في رواية له من حديث أبي هريرة وإسنادها صحيح على شرط البخاري وهي ثابتة في حديث رفاعة بن رافع.
وهذا الحديث - كالآية يدل على وجوب استقبال القبلة في الصلاة وقد نقل الشوكاني وغيره إجماع المسلمين على ذلك إلا في حالتين سيأتي ذكرهما. قال الشوكاني:
«وقالت الهادوية: إن استقبال القبلة من شروط صحة الصلاة وقد عرفناك فيما سبق أن الأوامر بمجردها لا تصلح للاستدلال بها على الشرطية، إلا على القول بأن