قلت: وهو الصحيح من مذهب الحنفية - كما في «الهداية» -، خلافاً للشافعية؛ فإن الأصح عندهم - كما قال النووي «٣/ ٢٥٥» - أنه:«تجب الإعادة؛ إن تيقن الخطأ». وعليه يدل كلام الشافعي في «الأم»«١/ ٨٢».
والصواب: ما ذهب إليه الأولون للأحاديث التي ذكرنا، ولحديث صلاة أهل قباء نحو بيت المقدس، واستدارتهم إلى الكعبة - كما يأتي قريباً -. وإلى هذا ذهب الصنعاني.
[أصل صفة الصلاة (١/ ٧٢)].
تحويل القبلة من بيت المقدس إلى الكعبة
وكان - صلى الله عليه وسلم - يصلي نحو بيت المقدس -[والكعبة بين يديه]- قبل أن تنزل هذه الآية:{قَدْ نَرَى تَقَلُّبَ وَجْهِكَ فِي السَّمَاءِ فَلَنُوَلِّيَنَّكَ قِبْلَةً تَرْضَاهَا فَوَلِّ وَجْهَكَ شَطْرَ المَسْجِدِ الحَرَامِ}[البقرة: ١٤٤]. فلما نزلت؛ استقبلَ الكعبة.
فبينما الناس بقُباء في صلاة الصبح؛ إذ جاءهم آتٍ، فقال: إنَّ رسول الله - صلى الله عليه وسلم - قد أُنزل عليه الليلة قرآن، وقد أُمِرَ أن يستقبل الكعبة؛ [ألا] فاستقبلوها. وكانت وجوههم إلى الشام، فاستداروا، [واستدار إمامهم حتى استقبل بهم القبلة].
«١» ورد ذلك كله في أحاديث صحيحة:
الحديث الأول: عن أنس قال: كان رسول الله - صلى الله عليه وسلم - يصلي نحو بيت المقدس، فنزلت:{قَدْ نَرَى تَقَلُّبَ وَجْهِكَ فِي السَّمَاءِ فَلَنُوَلِّيَنَّكَ قِبْلَةً تَرْضَاهَا فَوَلِّ وَجْهَكَ شَطْرَ المَسْجِدِ الحَرَامِ}. فمرّ رجل من بني سلمة وهم ركوع في صلاة الفجر، وقد صلوا ركعة فنادى: ألا إن القبلة قد حُوِّلَتْ.
فمالوا كما هم نحو القبلة.
أخرجه مسلم «٢/ ٦٦»، وأبو داود «١/ ١٦٤ - ١٦٥»، وعنه البيهقي «٢/ ١١»، وابن سعد «١/ ٢٤٢»، وأحمد «٣/ ٢٨٤»، والحازمي في «الاعتبار»«٤٣» عن حماد عن ثابت - زاد أبو داود: وحميد - عنه.