للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

الذي أخرجه الإمام مسلم في صحيحه من حديث أبي هريرة أيضًا قال: قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: «والذي نفس محمد بيده لا تدخلوا الجنة حتى تؤمنوا، ولا تؤمنوا حتى تحابوا، أفلا أدلكم على شيء إذا فعلتموه تحاببتم أفشوا السلام بينكم» قوله عليه الصلاة والسلام في آخر هذا الحديث: «أفشوا السلام بينكم» يعني: الإكثار من إلقاء المسلم السلام على أخيه المسلم وليس ذلك فقط عند ملاقاته إياه فإنه من الواجبات التي هي من حق المسلم على المسلم، كما جاء في الحديث الآخر وهو أيضًا في صحيح مسلم: «للمسلم على المسلم خمس: إذا لقيته فسلم عليه» أن أدندن حوله بعض الشيء إنما هو سلام أهمله كثير من الناس اليوم ألا وهو على صورتين اثنتين:

إحداهما: تتعلق بالصلاة على المصلي، والأخرى تتعلق بالسلام عند الخروج من المجلس.

أما المسألة الأولى: وهي إلقاء السلام على القائم في الصلاة، أو على القائمين في الصلاة، فهذه سنة مهجورة علمًا وعملًا ولذلك فأحببت أن أذكر بها والذكرى تنفع المؤمنين.

إن من إفشاء السلام ما ثبت عن النبي - صلى الله عليه وسلم - أنه زار يومًا الأنصار في مسجدهم مسجد قباء، فكان كلما دخل جماعة على النبي - صلى الله عليه وسلم - وهو قائم يصلي وألقوا السلام عليه فرد السلام عليهم إشارةً بيده، يقول راوي الحديث وهو جعفر بن برقان، فقلنا: كيف كان يرد السلام وهو يصلي؟ فأجاب: بأن النبي - صلى الله عليه وسلم - يشير بكفه يجعل بطن كفه إلى الأرض وظهرها إلى السماء، كلما دخل مسلم عليه قال هكذا، هذه الحركة هي رد المشتغل بالصلاة سلام المسلم عليه لفظًا، ولما كان المصلي مشغولًا بما هو فيه من تلاوة القرآن أو التسبيح المناسب لكل ركن، كان لا يستطيع أن يرد السلام بلفظه.

وإن كان ذلك مشروعًا في أول الإسلام، فقد جاء عن ابن مسعود رضي الله تعالى عنه أنه لما رجع من هجرته إلى الحبشة وكان أول ما لقي النبي - صلى الله عليه وسلم - في المدينة

<<  <  ج: ص:  >  >>