هذا هو النوع الأول الذي أردت أن ألفت النظر إلى كيفية رد السلام من المصلي على من سلم عليه، وقبل أن أنتقل إلى النوع الثاني، لا بد من التذكير هنا أن إلقاء السلام كما قلنا في الحديث السابق ذكره:«للمسلم على المسلم حق إذا لقيته فسلم عليه» فإذًا: الداخل إلى المصلى أو إلى المسجد ولقي إخوانه المسلمين يصلون فعليه أن يبادرهم بالسلام؛ لأنه لقيه، ولكن الرد لا يكون إلا إشارة كما ذكرنا.
أما النوع الثاني الذي ينبغي أن أنبه عليه، وهذه سنة أيضًا مهجورة مع الأسف: هي أن إلقاء السلام عند اللقاء والحمد لله لا يزال محفوظًا في كثير من البلاد الإسلامية، وإن كانت بعضها قد بدؤوا يخلون بهذا الإلقاء، فيلقى أحدهم أخاه فيصبحه أو يمسيه الخير ولا يبادره بقوله: السلام عليكم، بل وفي بعض البلاد إذا ألقيت السلام ما رد عليك السلام، وإنما قال لك: أهلًا أو مرحبًا، وهذا إثم ما بعده إثم؛ لأن الله عز وجل يقول في الآية الكريمة المعروفة:{وَإِذَا حُيِّيتُمْ بِتَحِيَّةٍ فَحَيُّوا بِأَحْسَنَ مِنْهَا أَوْ رُدُّوهَا}[النساء: ٨٦] ولا يخفى على أي مسلم أن السلام الشرعي الإسلامي كما قلنا في أول حديث ذكرناه آنفًا: «هو اسم من أسماء الله وضعه في الأرض فأفشوه بينكم» فمن يلقي هذا السلام على أخيه المسلم ثم يبادره بقوله: أهلًا مرحبًا .. صباح الخير .. مساء الخير .. فما رد عليه السلام بالتي هي أحسن .. فهذه معصية يجب أن يكون ألئك المسلمون على ذكر منها.
لكن الشيء الذي أريد الآن أن أذكر به أن كثيرًا من الحريصين على إلقاء السلام عند اللقاء لا يهتمون بإلقاء السلام عند الفراق، وهنا التنبيه: الذين يهتمون بإلقاء السلام عند اللقاء لا يهتمون ولا يلقون بالًا واهتمامًا لإلقاء السلام عند المفارقة، والرسول - صلى الله عليه وسلم - كان يقول:«إذا دخل أحدكم المجلس فليسلم، وإذا خرج فليسلم، فليست الأولى بأحق من الأخرى».
هذا الذي أردت التذكير به؛ لأنني وجدت في أكثر البلاد التي طفتها ودخلت إليها يهملون إلقاء السلام عند المفارقة، بل قد يكون اثنان ماشين مع بعضهم البعض ثم ينصرف أحدهما، فلا يلتفت صاحبه أنه انصرف؛ لأنه لم يقل عند