للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

جائزًا مشروعًا، لا أريد أن أشرح هذا الحديث لأعود إلى حديث ابن مسعود أنه لما ألقى على النبي - صلى الله عليه وسلم - السلام ولم يسمع الجواب بالسلام اللفظي قال: «أخذني ما قرب وما بعد» يعني: أصبح يفكر من قريب ومن بعيد: ترى! ما الذي ارتكبته وخالفت فيه الشرع حتى لم يرد علي السلام رسول الله - صلى الله عليه وسلم -، فجاءه الجواب بعد أن سلم عليه الصلاة والسلام من الصلاة: إن الله يحدث في أمره، أي: في دينه، كما قال عليه الصلاة والسلام في حديث آخر: «من أحدث في أمرنا هذا ما ليس منه فهو رد» قال عليه الصلاة والسلام في حديث ابن مسعود: «إن الله يحدث في أمره ما يشاء، وإن مما أحدث ألا كلام في الصلاة» وكأنه يعتذر لابن مسعود الذي أخذه ما قرب وما بعد لا يهمنك؛ لأنه نزل حكم جديد وهو ألا كلام في الصلاة، ولذلك لم أرد عليك السلام وإنما اكتفيت بالإشارة.

هذه الإشارة، وهنا بيت القصيد من هذه الكلمة، هذه الإشارة هي الرمز والبديل عن رد السلام لفظًا الذي كان مشروعًا من قبل، فمن ألقى السلام على المصلي فله حالة من حالتين، أو إشارة من إشارتين أن يرد بإحداهما السلام، إن كان في مكان مزدحم كهذا المسجد المبارك الذي كان ممتلئًا بالمصلين فدخل الداخل وقال: السلام عليكم، ولا يرفع صوته كثيرًا وإنما يسلم على من حوله، فعليهم أن يشيروا باليد، هذه الإشارة تختلف بين أن يكون الداخل من وراء الصفوف فحينئذ ينبغي رفع اليد حتى ترى، ولا يشكلن على المسلم ما أشكل على ابن مسعود فيتساءل لماذا لم يردوا علي السلام؟ فيرفعون يدهم بعضهم على الأقل؛ لأن رد السلام فرض كفاية، إذا قام به البعض سقط عن الباقين، وإن كان المسلم آت من نحو القبلة بحيث يراه المصلون ويراهم هو بدوره فيكفي أن يرفع الراد يده هكذا ولا يبالغ في الرفع ليحقق رد السلام البديل عن اللفظ وهو: وعليكم السلام، له الخيار بين أن يرد السلام إشارةً بيده أو يرد السلام إشارة برأسه، هذه الإشارة الثانية، إنما تكون إذا كان الجمع قليلًا أو كان المصلي فرضًا فيظهر حينذاك رد هذا السلام بهذه الإشارة السمحة السهلة.

<<  <  ج: ص:  >  >>