لبعض أحكام الدين، فقد سمعتم فيما مضى من هذا الحديث أن رجل كان ... بعد أن عرف أنه أخطأ خطئًا فاحشًا في الصلاة من نظرة الصحابة إليه ومن ضربهم على أفخاذهم، عرف من ذلك كله أنه أخطأ خطئًا فاحشًا، فلما رأى النبي - صلى الله عليه وسلم - مقبلًا عليه، تصور أنه سيؤنبه .. سيشتمه .. سيضربه، ولكن النتيجة طبيعية لمن قال له تبارك وتعالى في كتابه:{وَإِنَّكَ لَعَلى خُلُقٍ عَظِيمٍ}[القلم: ٤] أن يرى غير ما قد يكون تخيل في ذهنه، ولذلك قال: فلما أقبل رسول الله - صلى الله عليه وسلم - فوالله ما قهرني ولا كهرني ولا ضربني ولا شتمني وإنما قال لي:«إن هذه الصلاة لا يصلح فيها شيء من كلام الناس، إنما هي تسبيح وتحميد وتكبير وتلاوة القرآن».
حينما وجد هذا اللطف النبوي الكريم أخذ يوجه إلى النبي - صلى الله عليه وسلم - السؤال تلو السؤال ليتدارك ما قد يكون هو بحاجة إلى أن يعرف حكم الله عز وجل في تلك المسائل:
فكان مما قاله للنبي - صلى الله عليه وسلم - قوله: يا رسول الله! إن منا أقوامًا يأتون الكهان، قال:«فلا تأتوهم»، قال: إن منا أقوامًا يتطيرون، قال:«فلا يصدنكم»، قال: إن منا أقوامًا يخطون، أي: يعملون يتعاطون الضرب بالرمل، قال عليه الصلاة والسلام:«قد كان نبي من الأنبياء يخط فمن وافق خُطه خَطه فذاك»، قال: يا رسول الله، وهذا آخر سؤاله: إن لي جارية ترعى غنمًا لي في أحد فسطا الذئب يومًا على غنمي وأنا بشر أغضب كما يغضب البشر فصككتها صكة، وعلي عتق رقبة، يقول: يعني: فأنا أريد أن أوفي في هذا النذر الذي علي وهو عتق رقبة، وعند جارية فهل ينفعني أن أعتقها، فقال عليه السلام:«هاتها»، فجاء بها فقال عليه الصلاة والسلام للجارية:«أين الله؟ » قالت: في السماء، قال عليه الصلاة والسلام:«من أنا؟ » قالت: أنت رسول الله، فالتفت إلى سيدها وقال له:«اعتقها فإنها مؤمنة».
ليس البحث بطبيعة الواقع الآن هو شرح هذا الحديث العظيم والتعليق على كل فقرة من فقراته وإنما ذكرته [لنعرف] كيف تسلسل الحكم، وكيف وصل إلى تحرير الكلام ومن ذلك رد السلام باللفظ، بينما كان ذلك من قبل في أول الأمر