والوقار، ولا تأتوها وأنتم تسعون، فما أدركتم فصلوا وما فاتكم فأتموا» أي: كما فعل معاذ رضي الله عنه.
وأنزل الله عز وجل في إلغاء الحكم السابق الذي كان هو مكالمة الرجل لأخيه في الصلاة فأنزل الله قوله تبارك وتعالى:{وَقُومُوا لِلَّهِ قَانِتِينَ}[البقرة: ٢٣٨] أي: ساكتين، لا كلام في الصلاة، ويبدو أن بعض الصحابة الذين لم يدركوا هذا الحكم الجديد ألا وهو منع المصلي أن يتكلم في الصلاة، بقي على معرفته القديمة التي ذكرناها آنفًا، والتي عليها فارق ابن مسعود الرسول - صلى الله عليه وسلم -، ولذلك لما ألقى عليه السلام كان يأمل أن يسمع رد السلام من لفظه - صلى الله عليه وسلم -، وبقية الحديث عرفتموه.
يبدو أن أحد الصحابة لم يدرك هذا الحكم الجديد وهو أن لا كلام في الصلاة، أعني بذلك الصحابي معاوية بن الحكم السلمي رضي الله عنه، ومعاوية هذا غير معاوية بن أبي سفيان الأموي الخليفة من بعد الخلفاء الراشدين كما تعلمون، معاوية بن الحكم السلمي يحدث عن نفسه، فقال: صليت يومًا وراء النبي - صلى الله عليه وسلم - فعطس رجل بجانبي فقلت له: يرحمك الله، هذا على الأصل، فنظروا إليه بمؤخرة أعينهم مسكتين له، ولكن الرجل ضجر من هذه النظرات الموجهة إليه، فقال: واثكل أمياه ما لكم تنظرون إلي؟ ! هو يعتقد أنه ما فعل شيئًا، شمت صاحبه: يرحمك الله، قال معاوية: فأخذوا ضربًا على أفخاذهم، اسكت يقولون له، قال:«فلما قضى رسول الله - صلى الله عليه وسلم - الصلاة أقبل إلي، فوالله ما قهرني ولا كهرني ولا ضربني ولا شتمني وإنما قال لي: «إن هذه الصلاة لا يصلح فيها شيء من كلام الناس» أي: الكلام الذي كان مباحًا سابقًا «إن هذه الصلاة لا يصلح فيها شيء من كلام الناس، إنما هي تسبيح وتكبير وتحميد وتلاوة قرآن» هكذا أدب النبي - صلى الله عليه وسلم - هذا الرجل الصحابي معاوية بن الحكم السلمي الذي خفي عليه الحكم الجديد ألا وهو المأمور به في القرآن فضلًا عن السنة:{وَقُومُوا لِلَّهِ قَانِتِينَ}[البقرة: ٢٣٨] أي: ساكتين لا مكالمة.
ولعل من تمام الفائدة أن نذكر تمام هذا الحديث؛ لأن في توجه معاوية إلى النبي - صلى الله عليه وسلم - بعديد من الأسئلة بيان أثر التربية الحسنة واستعمال الرفق واللطف بالجاهل