«قال العلامة الشيخ محمد بن الجزري: لا يصح تعيين قبر نبي غير نبينا عليه الصلاة والسلام، نعم سيدنا إبراهيم عليه السلام في تلك القرية لا بخصوص تلك البقعة. انتهى».
قلت: وقد حكى شيخ الإسلام في «الاقتضاء» نحوه من غير واحد من أهل العلم ثم ذكر:
«إن المسلمين قد أجمعوا ما علموه بالاضطرار من دين رسول الله - صلى الله عليه وسلم - من أن الصلاة عند القبر - أي قبر كان - لا فضل فيها لذلك ولا للصلاة في تلك البقعة مزية خير أصلا بل مزية شر» وقال قبل ذلك بصفحة:
«واعلم أن من الفقهاء من اعتقد أن سبب كراهة الصلاة في المقبرة ليس إلا لكونها مظنة النجاسة لما يختلط بالتراب من صديد الموتى وبنى على هذا الاعتقاد الفرق بين المقبرة الجديدة والعتيقة وبين أن يكون بينه وبين التراب حائل أو لا يكون، ونجاسة الأرض مانعة من الصلاة عليها سواء كانت مقبرة أو لم تكن، لكن المقصود الأكبر بالنهي عن الصلاة عند القبور ليس هو هذا فإنه قد بين أن اليهود والنصارى كانوا إذا مات فيهم الرجل الصالح بنوا على قبره مسجدا». ثم قال:«وروي عنه أنه قال: «اللهم لا تجعل قبري وثنا يعبد، اشتد غضب الله على قوم اتخذوا قبور أنبيائهم مساجد».» ثم ذكر حديث عائشة وغيره مما تقدم وحديث جندب الآتي:«إن من كان قبلكم كانوا يتخذون القبور مساجد ألا فلا تتخذوا القبور مساجد فإني أنهاكم عن ذلك» ثم قال: «فهذا كله يبين لك أن السبب ليس هو مظنة النجاسة وإنما هو مظنة اتخاذها أوثانا كما قال الشافعي رضي الله عنه: وأكره أن يعظم مخلوق حتى يجعل قبره مسجدا مخافة الفتنة عليه وعلى من بعده من الناس. وقد ذكر هذا المعنى أبو بكر الأثرم في «ناسخ الحديث ومنسوخه» وغيره من أصحاب أحمد وسائر العلماء، فإن قبر النبي - صلى الله عليه وسلم - أو الرجل الصالح لم يكن ينبش والقبر الواحد لا نجاسة عليه، وقد نبه هو - صلى الله عليه وسلم - على العلة بقول:«اللهم لا تجعل قبري وثنا يعبد» وبقوله: «إن من كان قبلكم كانوا يتخذون القبور مساجد فلا