قلت: ومن هذا الوجه أخرجه الحاكم أيضا أتم منه عن همام قال: صلى حذيفة بالناس بالمدائن فتقدم فوق دكان فأخذ أبو مسعود بمجامع ثيابه فمده فرجع فلما قضى الصلاة قال له أبو مسعود: ألم تعلم أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - نهى أن يقوم الإمام فوق ويبقى الناس خلفه؟ قال: فلم ترني أجبتك حين مددتني؟
وإسناده حسن ورجاله ثقات.
وفي زيادة بن عبد الله كلام من جهة حفظه وهو صالح كما قال ابن أبي حاتم عن أبيه وقد ذكر له هذا الحديث. وقد قال في «التقريب»:
«صدوق ثبت في المغازي وفي حديثه عن غير ابن إسحاق لين».
قلت: لكنه لم يتفرد به فقد أخرجه أبو داود والحاكم أيضا من طريق يعلى بن عبيد: ثنا الأعمش به نحو رواية الحاكم الأولى إلا أنه قال: ألم تعلم أنهم كانوا ينهون عن ذلك؟
وهذا له حكم المرفوع كما تقرر في المصطلح فهو بمعنى رواية زياد في الصريحة في الرفع ثم قال الحاكم:«صحيح على شرط الشيخين» ووافقه الذهبي.
وهو كما قالا وصححه ابن خزيمة أيضا وابن حبان كما في «التلخيص» وكذلك صححه النووي في «المجموع» وعزاه للشافعي والبيهقي أيضا.
ثم أخرجه أبو داود من طريق أخرى بنحوه بلفظ:«إذا أم الرجل القوم فلا يقم في مكان أرفع من مقامهم».
وفيه أن الإمام كان عمار بن ياسر والذي جبذه حذيفة. قال الحافظ:«لكن فيه مجهول والأول أقوى».
والحديث دليل على تحريم وقوف الإمام في المكان المرتفع وقد اختلف العلماء في ذلك فقال النووي رحمه الله في «المجموع»:
«قال أصحابنا: يكره أن يكون موضع الإمام أو المأموم أعلى من موضع الآخر فإن احتيج إليه لتعليمهم أفعال الصلاة أو ليبلغ المأموم القوم تكبيرات الإمام