ثم إن الذين ذهبوا إلى وجوبها في الصلاة جعلو ذلك شرطا من شروط صحة الصلاة فمن صلى عاريا فصلاته باطلة عندهم. قال النووي:
«وقال بعض أصحاب مالك: ستر العورة واجب وليس بشرط فإن صلى مشكوفها صحت صلاته سواء تعمد أو سها».
قلت: وهذا هو الحق إن ذلك واجب غير شرط فإن الشرطية تتطلب دليلا زائدا على مجرد الأمر ولم نجد لمن قال بالشرطية أي دليل اللهم إلا ما ذكره النووي حيث قال: «دليلنا أنه ثبت وجوب الستر بحديث عائشة: «لا يقبل الله صلاة حائض إلا بخمار» .. ويأتي. قال:«ولا فرق بين الرجل والمرأة بالاتفاق».
وهذا الحديث كما ترى خاص بالنساء لكن النووي قاس عليهن الرجال وهو قياس فاسد الاعتبار لوجود الفرق الواضح بين عورة الرجل وعورة المرأة كما لا يخفى.
وقد أجاد في هذا الصدد الشوكاني في «النيل» فإنه بعد أن ذكر ما احتج به الجمهور في إثبات الشرطية من الأحاديث السابقة قال: «ويجاب عن هذه الأدلة بأن غايتها إفادة الوجوب وأما الشرطية التي يؤثر عدمها في عدم المشروط فلا تصلح للاستدلال بها عليها لأن الشرط حكم وضعي شرعي لا يثبت بمجرد الأوامر نعم يمكن الاستدلال للشرطية بحديث الباب «يعني حديث عائشة» لكن لا يصفو الاستدلال بذلك عن شوب كدر لأنه أولا يقال: نحن نمنع أن نفي القبول يدل على الشرطية لأنه قد نفى القبول عن صلاة الآبق ومن في جوفه الخمر ومن يأتي عرافا مع ثبوت الصحة بالإجماع.
وثانيا: بأن غاية ذلك أن الستر شرط لصحة صلاة المرأة وهو أخص من الدعوى وإلحاق الرجال بالنساء لا يصح ههنا لوجود الفارق وهو ما في تكشف المرأة من الفتنة وهذا معنى لا يوجد في عورة الرجل.
وثالثا: بحديث سهل بن سعد عند الشيخين وأبي داود والنسائي بلفظ: كان الرجال يصلون مع النبي - صلى الله عليه وسلم - عاقدين أزرهم على أعتاقهم كهيئة الصبيان ويقال