للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وكذلك أخرجه البيهقي وابن حزم.

وله شاهد من حديث أبي الطفيل وذكر بناء الكعبة في الجاهلية قال:

فهدمتها قريش وجعلوا يبنونها بحجارة الوادي تحملها قريش على رقابها فرفعوها في السماء عشرين ذراعا فبينا النبي - صلى الله عليه وسلم - يحمل حجارة من أجياد وعليه نمرة فضاقت عليه النمرة فذهب يضع النمرة على عاتقه فيرى عورته من صغر النمرة فنودي: يا محمد خمر عورتك. فلم ير عريانا بعد ذلك.

هكذا أخرجه أحمد: ثنا عبد الرزاق: أنا معمر عن ابن خثيم عنه.

وهذا سند صحيح رجاله كلهم رجال مسلم.

وقد أورده الحافظ في «الفتح» مطولا وقال: أخرجه عبد الرزاق. ومن طريقه الحاكم والطبراني. وهو في «المستدرك» وصححه ووافقه الذهبي.

وهذه الأحاديث - وكذا الآية - فيها دليل على وجوب ستر العورة في الصلاة وخارجها:

أما وجوب سترها خارج الصلاة فمتفق عليه وقد نقل الاتفاق هذا ابن رشد في «البداية» ونقل النووي في «المجموع» الإجماع عليه.

وأما وجوب سترها في الصلاة فمختلف فيه فالجمهور على وجوب ذلك وهو مذهب أبي حنيفة والشافعي وداود وابن حزم. قال في «البداية»:

«وظاهر مذهب مالك أنها من سنن الصلاة».

وإلى هذا ذهب إسماعيل القاضي كما في «تفسير القرطبي» وهذا مذهب ضعيف ترده تلك الأوامر الصريحة بستر العورة والصلاة أحق بذلك كما لا يخفى.

هذا ومما ذكرنا تعلم أن قول ابن حزم في مراتب الإجماع: «واتفقوا أن ستر العورة فيها لمن قدر على ثوب مباح لباسه له فرض» ليس بصواب نقل الاتفاق هذا.

<<  <  ج: ص:  >  >>