وهذا كما ترى فإنه يزعم أن الحديث وإن كان موقوفا فله حكم المرفوع لما فيه من الوعيد الذي لا يقال - بزعمه - بالرأي المجرد. وهذا غير لازم في الأحكام بل يجوز الوعيد على أمر وصل إليه المرء باجتهاده وإن كان قد يحتمل أن يكون فيه مخطئا.
وبالجملة فالاحتجاج بهذا الحديث على أن الركبة عورة لا يصح لأمور:
أولا: أنه موقوف.
ثانيا: أنه معارض لما هو أصح منه.
ثالثا: أنه وارد في الأمة فهو أخص من الدعوة. وقد اختلفوا في عورة الأمة على أقوال كثيرة ربما يأتي ذكرها أصحها دليلا أنها كالحرة لا فرق بينهما.
وإن صنيع الطحاوي هذا في قياس الرجل الحر وغيره على الأمة في أن الركبة عورة يشبه تماما قياس النووي الرجل أيضا على المرأة في بطلان صلاة مكشوف العورة، وقد سبق الرد عليه بما فيه كفاية.
ولعله لم يعرج صاحب «الهداية» وغيره من الفقهاء على حديث أبي موسى لما فيه من الأمور التي ذكرنا وإنما احتجوا بحديث: «الركبة عورة». وهذا لو صح لكان دليلا واضحا لهم ولكنه لا يصح بل هو متفق على ضعفه. [ثم دلل على ضعفه].
- «وعن علي بن أبي طالب رضي الله عنه في حديث له يقول فيه: فنظر حمزة إلى رسول الله - صلى الله عليه وسلم - ثم صعد النظر فنظر إلى ركبتيه ثم صعد النظر فنظر إلى سرته ... الحديث».
أخرجه البخاري ومسلم. [ثم ساق الإمام لفظه بتمامه ثم قال: ]
والحديث واضح الدلالة على أن السرة ليست بعورة ذلك لأن الرسول كشفها ولأن غيره نظره إليها. قال ابن حزم:«فلو كانت السرة عورة لما أطلق الله حمزة ولا غيره على النظر إليها».