السلام ولم ينكر عليهما ولو كان عورة لأنكر ذلك - صلى الله عليه وسلم - كما أنكر على جرهد الأسلمي حين مر عليه وقد انكشف فخذه فقال: - صلى الله عليه وسلم -: «غط فخذك فإن الفخذ عورة» لو صح الحديث ولم يصح كما سبق بيانه ذلك مفصلا فدل سكوته عليه السلام على ذلك أن الركبة ليست بعورة ولذلك قال الحافظ في شرح حديث أبي الدرداء: «وفيه أن الركبة ليست عورة».
وهناك دليل ثالث: وهو أن حمزة رضي الله عنه صعد النظر إلى ركبة النبي - صلى الله عليه وسلم -. ففيه - علاوة عن كشفه عليه السلام - نظر غيره إلى ركبته ولو كانت عورة لما أطلق حمزة ولا غيره على النظر إليها كما قال ابن حزم مثله في السرة على ما يأتي.
فالحق أن هذه قائمة على أن الركبة ليست بعورة وبهذا قال الشافعي قال النووي:«وهو المشهور من مذهبنا وبه قال مالك وطائفة ورواية عن أحمد وقال أبو حنيفة وعطاء: إنها عورة».
وهذا قول ضعيف مخالف لتلك الأحاديث الصحيحة.
وقد عارضها الطحاوي بما أخرجه في «المشكل» قال: ثنا علي ابن أبي شيبة: ثنا يزيد بن هارون: ثنا حماد بن سلمة عن حكيم الأثرم عن أبي تميمة الهجيمي: سمعت أبا موسى الأشعري يقول:
لا أعرفن أحدا نظر من جارية إلا ما فوق سرتها وأسفل من ركبتها لا أعرفن أحدا فعله إلا عاقبته.
قال أبو جعفر:«فجاز بما قد ذكرنا أن يضاد بهذا الحديث الأحاديث التي ذكرناها قبله المخالفة له».
وأشار بقوله:«بما قد ذكرنا» إلى كلامه الذي قدم به لهذا الحديث وهو قوله: «ووجدنا أبا موسى الأشعري قد روي عنه من كلامه كلام قد خلطه بوعيد لمن خالفه ممن لا يجوز أن يكون قاله رأيا لأن الوعيد لا يكون فيما قد قيل بالرأي مما قد يجوز لغير قائله أن يقول بخلاف ما قد خالف هذا المعنى».