للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

ومنهم الإمام أحمد والمشهور عنه أنه لو صلى مشكوف العاتق مع القدرة على السترة لم تصح صلاته فجعله شرطا وهو مذهب ابن حزم في «المحلى».

وفي رواية عن أحمد: أنه تصح صلاته ولكنه يأثم بتركه. وهو الحق إن شاء الله.

وذهب الجمهور -مالك وأبو حنيفة والشافعي وغيرهم - إلى أن النهي للتنزيه والأمر للاستحباب فلو صلى في ثوب واحد ساتر لعورته ليس على عاتقه منه شيء صحت صلاته مع الكراهة سواء قدر على شيء يجعله على عاتقه أم لا. قال النووي في «شرح مسلم»:

«وحجة الجمهور ... » وفي «المجموع»:

«دليلنا حديث جابر في قوله - صلى الله عليه وسلم -: «فاتزر به» هكذا احتج به الشافعي في «الأم» واحتج به الأصحاب وغيرهم والله أعلم».

قلت: وهذا ما لا ينقضي العجب منه فإن أمره عليه السلام بالاتزار إنما هو إذا كان الثوب ضيقا كما هو منطوق الحديث بينما الجمهور يقولون بالاتزار ولو كان الثوب واسعا فكيف جاز للنووي ومن سبقه الأخذ بمجرد الأمر بالاتزار بدون التفات إلى الشرط الذي قيده به النبي - صلى الله عليه وسلم -.

فالحق أن الحديث دليل قاطع لمذهب أحمد وغيره وهو التفريق بين الثوب الواسع والضيق فيجب الالتحاف في الأول دون الآخر وإلى هذا مال البخاري كما يدل عليه تصرفه في «صحيحه» كما في «الفتح» للحافظ ثم قال: «وهو اختيار ابن المنذر وتقي الدين السبكي من الشافعية».

وإليه مال المحقق الشوكاني.

وأما بطلان الصلاة بترك الالتحاف فغير ظاهر من الحديث. والله أعلم.

وهنا مسألة وهي: هل يجب على من كان عليه إزار ضيق لا يمكنه الالتحاف به أن يلبس أوسع منه أو يلبس رداء فوقه إذا كان عنده يستر به القسم الأعلى من بدنه؟

<<  <  ج: ص:  >  >>