الظاهر عندي: نعم يجب عليه ذلك خلافا لابن حزم حيث قال في «المحلى»: «فإن كان ضيقا اتزر به وأجزأه كان معه ثياب غيره أو لم يكن».
قلت: وهذا جمود منه على ظاهر الحديث بدون أن يلاحظ المعنى المقصود منه وهو ستر البدن وقد أكد عليه السلام هذا المعنى بنهيه أن يصلي الرجل في سراويل ليس عليه رداء كما سبق. والله أعلم.
وأما صلاة النبي - صلى الله عليه وسلم - في الثوب الواحد فإنما صلى ملتحفًا به كما صرح بذلك جمع من الصحابة، منهم عمرو بن أبي سلمة وأم هانئ وجابر بن عبد الله عند الشيخين وغيرهم وأبو سعيد الخدري عند مسلم وأنس عند الطحاوي وكيسان عند ابن ماجه وغير هؤلاء كثير، وقد خرجت أحاديثهم في كتابنا:«صلاة رسول الله - صلى الله عليه وسلم -».
وقد استدل بهذه الأحاديث على جواز الصلاة في الثوب الواحد قال النووي:
«لا خلاف في ذلك إلا ما حكي عن ابن مسعود رضي الله عنه فيه ولا أعلم صحته».
قلت: وكأنه يشير إلى ما أخرجه ابن أبي شيبة عن ابن مسعود قال: لا تصلين في ثوب واحد وإن كان أوسع ما بين السماء والأرض.
أورده الحافظ في «الفتح» وسكت عليه.
ولعل قول ابن مسعود هذا محمول على ما إذا كان عنده ثوب آخر بدليل حديثه الآخر وهو ما أخرجه عبد الله بن أحمد في «زوائد المسند» من طريقين عن أبي مسعود الجريري عن أبي نضرة بن بقية قال: قال أبي بن كعب:
الصلاة في الثوب الواحد سنة كنا نفعله مع رسول الله - صلى الله عليه وسلم - ولا يعاب علينا.
فقال ابن مسعود: إنما كان ذاك إذا كان في الثياب قلة فأما إذا وسع الله فالصلاة في الثوبين أزكى.