وقال العلامة الشيخ موفق الدين ابن قدامة المقدسي في كتابه «ذم الموسوسين»«ص ٧»: «اعلم رحمك الله أن النية هي القصد والعزم على فعل الشيء، ومحلها القلب، لا ... تعلق لها باللسان، ولم يُنقل عن النبي - صلى الله عليه وسلم - ولا أصحابه في النية لفظ بحال، وهذه العبادات التي أُحدثت عند افتتاح الطهارة والصلاة ليست من العبادة أصلاً؛ فإنما النية قصد فعل الشيء. فكل عازم على شيء؛ فهو ناويه، وكل قاصد لشيء؛ فهو ناويه، لا يُتصور انفكاك ذلك عن النية؛ لأنه حقيقتها؛ فلا يتصور عدمها في حال وجودها، ومن قعد ليتوضأ؛ فقد نوى الوضوء، ومن قام ليصلي؛ فقد نوى الصلاة، ولا يكاد العاقل يفعل شيئاً من عباداته ولا غيرها بغير نية؛ فالنية أمر لازم لأفعال الإنسان المقصودة، ولا يحتاج إلى تعب ولا تحصيل». اهـ باختصار.
فإذا علمت أن السلف الصالح لم يكن من هديه التلفظ بالنية؛ فيجب عليك أن تقتدي بهم؛ فهم القدوة: وكل خير في اتباع من سلف ... وكل شرفي ابتداع من خلف ولا يُلتفت إلى استحسانات المتأخرين؛ فإن الاستحسان في العبادات تشريع في الدين لم يأذن به الله، وقد أشار إلى ذلك الشافعي رحمه الله بقوله المشهور:«من استحسن؛ فقد شَرَعَ». وقد قال - صلى الله عليه وسلم -: «من أحدث في أمرنا هذا ما ليس منه؛ فهو رد». متفق عليه.
والأحاديث في النهي عن الابتداع في الدين كثيرة لا يتسع المقام لإيرادها، وفيما ذكرنا كفاية لمن أراد الله له الهداية.
الطهور: بضم الطاء؛ على المختار: وهو التطهر.
قال النووي في «المجموع»: «وإنما سَمّى الوضوء مفتاحاً؛ لأن الحدث مانع من الصلاة كالغلق على الباب، يمنع من دخوله إلا بمفتاح».
وتحريمها: أي: وتحريم ما حرَّم الله فيها من الأفعال. وكذا «تحليلها»؛ أي: تحليل ما أحل خارجها من الأفعال، فالإضافة لأدنى ملابسة، وليست إضافة إلى القبول لفساد المعنى.