الرسول عليه السلام في الكعبة؟ قال: صلى ركعتين بين العمودين - تحديد دقيق- وكان بينه وبين جدار القبلة ثلاثة أذرع.
أما عبد الله ابن عبّاس -تُرْجُمان القرآن- قال لم يُصَلِّ الرسول عليه السلام في الكعبة، وإنما صلى في قُبُل الكعبة في اتجاهها خارجاً عنها.
يقول الإمام البخاري: فأخذ العلماء قاطبة بحديث بلال الذي رواه عنه ابن عمر، لماذا؟ لأنه مثبِت؛ لأنه رأى الرسول عليه السلام دخل الكعبة وصلى ركعتين، وبذلك الوصف الدقيق، آثروا رواية ابن عمر عن بلال، لأنها مثبتة؛ وتركوا رواية ابن عبّاس لأنها نافية، والمُثْبَت مُقَدّم على النافي.
وهذه القاعدة الأصولية، قبل أن تكون أصولية هي قاعدة بدهية عقلية؛ لأن الإنسان بسجيته وطبيعته وفطرته إذا جاءه خبران متناقضان والمخبران- لابد من هذا الشرط- والمخبران كلاهما ثقة، أحدهما قال مثلا أبو إسحاق حضر الموصل، وآخر قال: لا ما حضر ما رأيته، فقول من يقدَّم؟
المُثْبِت مُقَدَّم على النافي، هذه قاعدة منطقية عقلية.
ولذلك ترك أبو حنيفة وأهل الكوفة ومن جاء بعدهم الرفع، فهل نتركه نحن؟
نقول: لا، المُثْبِت مُقَدَّم على النافي، وذاك إمام وله اجتهاده ولا نُعَيِّره ولا نَعِيب عليه، وله أجره عند الله على كل حال.
إذاً: إذا جئنا إلى مثل حديث النهي عن صوم يوم السبت، ولم نعلم أن أحداً من الأئمة المشهورين أخذ به.
وقد علمنا إضافة نافلة بالعلم، من عمل به من بعض العلماء المتقدمين، أو جاءنا حديث «لا اعتكاف إلا في ثلاثة مساجد».
ولم نعلم أن أحد الأئمة عمل به، لكننا علمنا أن بعض من السلف قد عمل به، فَحَسْبُنا أن يكون الرسول عليه السلام قد قال ذلك وثبت لدينا، وليس لنا عذر أن ندع العمل به.