للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

التعارض مع الحديث، ووجب الأخذ به على ظاهره، وهم لم يأخذوا به؛ خشية التعارض، وهو الذي دفعهم إلى تأويله بأن المراد به: نفي الكمال - كما سبق -. وقد قال أبو الحسن السندي الحنفي في «حاشيته على ابن ماجه»: وأما الكمال؛ فقد حقّق الكمالُ ضعفَه؛ لأنه مخالف، لا يصار إليه إلا بدليل، والوجود في كلام الشارع يحمل على الوجود الشرعي؛ دون الحسي. فمؤدى الحديث نفي الوجود الشرعي للصلاة، التي لم يقرأ فيها بـ: «فاتحة الكتاب»؛ فتعين نفي الصحة. وما قاله أصحابنا أنه من حديث الآحاد - وهو ظني، لا يفيد العلم؛ وإنما يوجب الفعل -؛ فلا يلزم منه الافتراض.

ففيه: أنه يكفي في المطلوب أنه يوجب العمل بمدلوله، لا بشيء آخر، ومدلوله عدم صحة صلاة لم يقرأ فيها بـ: «فاتحة الكتاب»، فوجوب العمل به؛ يوجب القول بفساد تلك الصلاة، وهو المطلوب.

فالحق أن الحديث يفيد بطلان الصلاة إذا لم يقرأ فيها بـ: «فاتحة الكتاب». نعم؛ يمكن أن يقال: قراءة الإمام قراءة المقتدي؛ إذا ترك «الفَاتِحَة»، وقرأها الإمام «انتهى».

وهذا تحقيق بديع من السندي رحمه الله (١).

هذا، وقد ألزم الحنفية مخالفيهم من الجمهور القولَ بفرضية زيادة شيء من


(١) والعجب من علمائنا الحنفية ما استجازوا تقييد إطلاق الآية الكريمة بقوله عليه الصلاة والسلام: «لا صلاة إلا بـ: فاتحة الكتاب».
مع أنه متفق على صحته، بينما خصصوا عمومها بقوله عليه الصلاة والسلام: «من كان له إمام؛ فقراءة الإمام له قراءة».
مع كونه حديثاً مختلفا في صحته - كما سيأتي -.
فإن قيل: إنما استجازوا هذا؛ لأن عمومها ظني؛ بسبب أنه خُصَّ منه البعض، وهو: «المدرك في الركوع» إجماعاً.
فالجواب: أن هذا الإجماع غير صحيح؛ فقد خالف فيه جمع من الشافعية- كما هو مذكور في المطولات -.
ثم على التسليم به؛ فالإطلاق المفهوم من الآية هو ظني أيضاً؛ غير متفق عليه -كما سبق- فيجوز حينئذٍ تقييده بالظني من السنة؛ فتأمل. [منه].

<<  <  ج: ص:  >  >>