يكون خطأ إذا كان المتمذهب بالمذهب المُعَيَّن اتبع رأياً في مذهب آخر اتباعاً لهواه، وكما يقول العلماء والفقهاء: تَتَبُّعاً للرخص، هذا يُنْكَر عليه.
أما إذا أخذ برأي في مذهب آخر؛ لأنه اقتنع به وبدليله، فهذا هو الواجب عليه، ومن يُنْكِر عليه يكون مخطئاً.
هذا طبعاً خلاصة الجواب، وهذا يحتاج إلى بحث طويل، ولكن أُمَهِّد به للإجابة عن الخلط بين القراءات.
فأقول: كما أن المذاهب الأربعة، كل إمام يأخذ بما ترجح عنده من العلم، كذلك القراء السبعة أو العشرة، كل منهم يأخذ بما ثبت لديه.
علماً بأن مجال الخطأ في المسائل الفقهية، أكثر من الخطأ في القراءات المتوارثة أو المتواترة كما يقولون؛ ذلك لأن المسائل الفقهية يَدْخُلها الاجتهاد، يدخلها القياس، فَيُمْكِن أن يقع المجتهد في خطأ فَيُؤْجَر عليه، أما القراءات فهي مستندة على النقل فقط.
إذا كان هذا معروفاً، فحينئذٍ: إذا كان هذا القارئ على قراءة حفص، ثبت لديه قراءة ورش في آية ما، فجمع في قراءة واحدة بين قراءة حفص في آية وقراءة ورش في آية أخرى، هذا كالذي جمع بين التَمَذْهُب بالمذهب الحنفي، والتمذهب في مسألة واحدة أو أخرى في المذهب الشافعي؛ لأن ذلك ثبت لديه.
فقولهم: إن هذا بدعة، هو في الواقع حسب وجهة نظري غفلة عن أنه منبع أئمة القراء هو كمنبع أئمة المذاهب الأربعة، هو الرسول عليه السلام، مع الفارق الكبير الذي ذكرته آنفاً أن الأئمة في الفقة يمكن أن يقولوا قولاً بالاجتهاد والرأي، أما في القراءة ما فيه إلا التلقي والنقل، فيكون هنا الأمر: أن الرسول قرأ بقراءة حفص أكيد، وقرأ بقراءة ورش أكيد، فما المانع أن يقرأ الإنسان بهذه وبهذه.
وليس عند القُرَّاء أبداً دليل، وهذا مستحيل أن يكون أن الرسول قرأ بقراءة حفص أحياناً، وتارة أخرى قرأ بقراءة ورش، وإلى آخر ما هنالك من القراءات