فإذاً: إذا قرأ الإمام قراءة ثابتة ومُتَلَقَّاة من أهل العلم المتخصصين، الأصل أنه لا شيء في ذلك، ولكن يجب أن لا يفاجئ الناس بما لا يعلمون، وأن يُمَهِّد لما يريد أن يُعَلِّمهم به.
السؤال: نفس الموضوع يعني، هناك من يقول: بأن الرسول - صلى الله عليه وسلم - أو الصحابة الكرام رضي الله عنهم، لم يُنْقَل لنا عنهم بأنهم قرؤوا بخلط الرواية.
الشيخ: خلط الرواية؟
السائل: خلط الرواية، فيعتبروا أن هذا الأمر بدعة، خلط الرواية، أو قراءة الرواية في بلد آخر، مثلاً البلاد العربية هنا تقرأ لحفص، فإذا قرأت لهم بورش في رواية كاملة دون الخلط أيضاً يُنْكرون هذا.
الشيخ: هذا الذي أجبت عنه، أما الآن ففي كلامك سؤال ثاني، وهو الخلط بين قراءتين في آن واحد.
السائل: يقولوا: إن هذه بدعة، وما ورد عن الرسول - صلى الله عليه وسلم - أنه قرأ بالخلط أو الصحابة الكرام.
الشيخ: نعم، هذا ينبغي الجواب عنه: الحقيقة أن هذه الشبهة أو هذا الاعتراض سمعته من بعضهم من قديم.
الذين يقولون: هذا بدعة هم شأنهم شأن المقلدة في المذاهب الأربعة، أي: كما أن المُقَلِّدين للمذاهب، اليوم عامة أهل العلم والمشايخ المعروفين يوجبون على عامة المسلمين أن يتمذهبوا بمذهب واحد من هذه المذاهب الأربعة.
فإذا المسلم عاش مثلاً بين أقوام يتمذهبون بمذهب أبي حنيفة، ثم ثبت لديه مسألة ليست مُقَرَّرة في مذهبه وإنما في مذهب غيره كالشافعي أو مالك مثلاً، فهم يُوْجِبون عليه التزام المذهب ولا يُجِيزون له أن يعمل بما ثبت في المذهب الآخر.
وهذا نحن نراه خطأ أحياناً، ونراه صواباً أحياناً أخرى، أي: هذا الإنكار تارةً يكون خطأً وتارة يكون صواباً.