الرباعية. وإليه ذهب جماهير أهل العلم من الصحابة فمن بعدَهم، وهو مذهب علمائنا أيضاً؛ لكنهم قالوا بالتخيير بين القراءة، أو السكوت، أو التسبيح.
قال الإمام محمد في «الموطأ»«١٠١»: «السنة أن تقرأ في الفريضة في الركعتين الأُوليين بـ: «فاتحة الكتاب»؛ وسورة، وفي الأخريين بـ:«فاتحة الكتاب»، وإن لم تقرأ فيهما؛ أجزأك، وإن سبحت فيهما؛ أجزأك، وهو قول أبي حنيفة رحمه الله».
وقد أشار إلى الرد عليهما إسحاق بن راهويه رحمه الله فيما روى عنه إسحاق بن منصور المروزي في «مسائله» قال: «قال إسحاق: والقراءة في الركعتين الأخيرتين بـ: «فاتحة الكتاب» سنة، وعلى ذلك عشرة من أصحاب محمد - صلى الله عليه وسلم - بعده، وما قال هؤلاء في التسبيح في الأُخريين خطأ».
قلت: وإذا ضممتَ إلى فعله - صلى الله عليه وسلم - ذلك أمرَه - صلى الله عليه وسلم - لِ «المسيء صلاته» بأن يقرأ في كل ركعة؛ ثبت بذلك وجوب «الفَاتِحَة» في كل ركعة، وهو مذهب الجمهور - كما قال النووي وغيره -، وهو رواية الحسن عن أبي حنيفة: أن القراءة في الأُخريين واجبة، حتى لو تركها ساهياً؛ لزمه سجود السهو.
وإليه مال الكمال ابن الهُمَام في «الفتح»«١/ ٣٢٢ - ٣٢٣»، وهو الحق إن شاء الله تعالى؛ فإنهم لا جواب لهم عن حديث «المسيء صلاته»، ولا دليل لهم على ذلك إلا بعض الآثار عن الصحابة؛ ولا يجوز أن يحتج بها في معارضة ما ثبت في السنة.
قوله:«ثم اصنع ذلك في كل ركعة» فمن كان يذهب إلى أنه - صلى الله عليه وسلم - إنما أَمَرَهُ بمطلق القراءة - كالحنفية -؛ فعليهم أن يوجبوا ذلك في كل ركعة، ومن ذهب إلى أنه أمره بـ:«الفَاتِحَة»؛ فعليه أن يقول بوجوبها في كل ركعة، وهو الحق إن شاء الله تعالى.