«المُرْسَلات»«٧٧: ٥٠»؛ قرأ بها في آخر صلاة صلاها - صلى الله عليه وسلم -.
والحديث دليلٌ على أن المغرب لا يختص بقصار المفصل -كما هو المشهور- بل يستحب القراءة فيه أحياناً بطوال المفصل، وبأطول من ذلك -كما يأتي في الكتاب- وقد ذهب إلى ذلك الإمام الشافعي وغيره، وخالف فيه مالك، وأكثر علمائنا.
قال الترمذي «٢/ ١١٣»: «وقال الشافعي: وذكر عن مالك أنه كره أن يُقرأ في صلاة المغرب بالسور الطوال نحو: «الطُّور» و «المُرْسَلَات».
قال الشافعي: لا أكره ذلك، بل أستحب أن يُقرأ بهذه السور في صلاة المغرب.
قال الحافظ:«وكذا نقله البغوي في «شرح السنة» عن الشافعي. والمعروف عند الشافعية: أنه لا كراهية في ذلك، ولا استحباب».
قلت: وهذا غير معقول، فإن القراءة عبادة؛ فإما أن تكون مستحبة؛ إذا وافقت السنة. وإما أن تكون مكروهة؛ إذا خالفتها. وأما أن تكون غير مستحبة وغير مكروهة: فهذا غير معقول في شيء من العبادات مطلقاً؛ فتأمل.
وقال الإمام محمد - بعد أن ساق الحديث -: «العامة على أن القراءة تُخَفَّف في صلاة المغرب؛ يُقرأ فيها بقصار المفصل، ونرى أن هذا كان شيئاً فتُرك! ولعله كان يقرأ بعض السورة ثم يركع». ثم قال:«وبهذا نأخذ، وهو قول أبي حنيفة».
وذكر المعلق عليه عن العلماء جواباً ثالثاً؛ وهو أن هذا بحسب اختلاف الأحوال؛ قرأ بالطِّوال لتعليم الجواز، والتنبيه على أن وقت المغرب ممتدٌ، وعلى أن قراءة القصار فيه ليس بأمر حتمي. ثم قال المعلق أبو الحسنات: وأقول: الجوابان الأولان مخدوشان: أما الأول: فلأن مبناه على احتمال النسخ، والنسخ لا يثبت بالاحتمال، ولأن كونه متروكاً إنما يثبت لو ثبت تأخر قراءة القصار على قراءة الطوال من حيث التاريخ، وهو ليس بثابت، ولأن حديث أم الفضل -الآتي- صريح في أنها آخر ما سمعت من رسول الله - صلى الله عليه وسلم - هو سورة «المُرْسَلَات» في المغرب؛ فدلَّ ذلك على أنه - صلى الله عليه وسلم - قرأ بـ:«المُرْسَلَات» في المغرب في يوم قبل يومه