- صلى الله عليه وسلم -: «صلوا كما رأيتموني أصلي». وللحديث الذي بعده:«إنما جعل الإمام ليؤتم به».
فإن من الائتمام به أن يقول بقوله، إلا ما استثناه الدليل؛ كالقراءة وراء الإمام في الجهرية - على ما سبق بيانه في محله -.
ولذلك قال الخطابي في «المعالم»«١/ ٢١٠»: «قلت: وهذه الزيادة - يعني: التسميع - وإن لم تكن مذكورة في الحديث نصاً؛ فإنها مأمور بها الإمامُ. وقد جاء: «إنما جعل الإمام ليؤتم به». فكان هذا في جميع أقواله وأفعاله، والإمام يجمع بينهما، وكذلك المأموم، وإنما كان القصد بما جاء في هذا الحديث مداركةَ الدعاء والمقارنة بين القولين؛ ليستوجب بها دعاء الإمام، وهو قوله:«سمع الله لمن حمده» ليس بيان كيفية الدعاء، والأمر باستيفاء جميع ما يقال في ذلك المقام؛ إذ قد وقعت الغُنْيَةُ بالبيان المتقدم».
ونحوه - وأوضح منه - قول النووي في «المجموع»«٣/ ٤٢٠»: «إن معنى الحديث: «قولوا: «ربنا لك الحمد» مع ما قد علمتموه من قول: «سمع الله لمن حمده». وإنما خص هذا بالذكر؛ لأنهم كانوا يسمعون جهر النبي - صلى الله عليه وسلم - بـ:«سمع الله لمن حمده». فإن السنة فيه الجهر، ولا يسمعون قوله:«ربنا لك الحمد»؛ لأنه يأتي به سراً - كما سبق بيانه -. وكانوا يعلمون قوله - صلى الله عليه وسلم -: «صلوا كما رأيتموني أصلي».
مع قاعدة التأسي به - صلى الله عليه وسلم - مطلقاً، وكانوا يوافقون في:«سمع الله لمن حمده»؛ فلم يحتج إلى الأمر به، ولا يعرفون:«ربنا لك الحمد»؛ فأمروا به.
قال الحافظ «٢/ ٢٢٥»: «وهذا الموضع يقرب من مسألة التأمين - كما تقدم -؛ من أنه لا يلزم من قوله: «إذا قال: {وَلَا الضَّالِّينَ}؛ فقولوا: آمين». أن الإمام لا يُؤَمّن بعد قوله:{وَلَا الضَّالّيِنَ}.
وليس فيه أن الإمام يؤمن، كما أنه ليس في هذا أنه يقول:«ربنا لك الحمد». لكنهما مستفادان من أدلة أخرى صحيحة صريحة؛ كما تقدم في «التأمين»، وكما مضى في هذا الباب؛ أنه - صلى الله عليه وسلم - كان يجمع بين التسميع والتحميد.