أضجع اليسرى ونصب اليمنى ووضع يده اليمنى على فخذه اليمنى ونصب إصبعه للدعاء ووضع يده اليسرى على رجله اليسرى». أخرجه النسائي «١/ ١٧٣» بسند صحيح، والحميدي «٨٨٥» نحوه. قلت: فتبين من هذه الرواية الصحيحة أن التحريك أو الإشارة بالإصبع إنما هو في جلوس التشهد، وأن الجلوس المطلق في بعضها مقيد بجلوس التشهد، هذا هو الذي يقتضيه، الجمع بين الروايات، وقاعدة حمل المطلق على المقيد المقررة في علم أصول الفقه، ولذلك لم يرد عن أحد من السلف القول بالإشارة مطلقا في الصلاة ولا في كل جلوس منها فيما علمت، ومثل ذلك يقال في وضع اليدين على الصدر، إنما هو في القيام الذي قبل الركوع، إعمالا للقاعدة المذكورة. فإن قال قائل: قد روى عبد الرزاق عن الثوري عن عاصم بن كليب بإسناده المتقدم عن وائل .. فذكر الحديث والافتراش في جلوسه قال:«ثم أشار بسبابته ووضع الإبهام على الوسطى حلق بها وقبض سائر أصابعه، ثم سجد فكانت يداه حذو أذنيه». فهذا بظاهره يدل على أن الإشارة كانت في الجلوس بين السجدتين، لقوله بعد أن حكى الإشارة:«ثم سجد .. ». فأقول: نعم قد روى ذلك عبد الرزاق في «مصنفه»«٢/ ٦٨ - ٦٩»، ورواه عنه الإمام أحمد «٤/ ٣١٧» والطبراني في «المعجم الكبير»«٢/ ٣٤ - ٣٥» وزعم الشيخ حبيب الرحمن الأعظمي في تعليقه عليه: «أنه أخرجه الأربعة إلا الترمذي والبيهقي مفرقا في أبواب شتى».
وهو زعم باطل يدل على غفلته عن موجب التحقيق فإن أحد منهم ليس عنده قوله بعد الإشارة:«ثم سجد»، بل هذا مما تفرد به عبد الرزاق عن الثوري، وخالف به محمد بن يوسف الفريابي وكان ملازما للثوري، فلم يذكر السجود المذكور. رواه عنه الطبراني «٢٢/ ٣٣ / ٧٨». وقد تابعه عبد الله بن الوليد حدثني سفيان. .. به. أخرجه أحمد «٤/ ٣١٨». وابن الوليد صدوق ربما
أخطأ، فروايته بمتابعة الفريابي له أرجح من رواية عبد الرزاق، ولاسيما وقد ذكروا في ترجمته أن له أحاديث استنكرت عليه، أحدها من روايته عن الثوري، فانظر «تهذيب ابن حجر» و «ميزان الذهبي»، فهذه الزيادة من أوهامه. وإن مما يؤكد ذلك، أنه قد تابع الثوري في روايته المحفوظة جمع كثير من الثقات الحفاظ منهم عبد