نرجع الآن: هذا الوضع في القيام الثاني كما قلنا، ما فيه عندنا دليل خاص أن الرسول عليه الصلاة والسلام كان إذا رفع رأسه من الركوع قبض ووضع، عندنا دليل عام وليته كان من كلام الرسول كما ذكرنا في الحديثين الجماعة، «يد الله على الجماعة» هذا كلام الرسول، صلاة الجماعة كلام الرسول، هناك ما عندنا إلا أحاديث أصحاب الرسول عليه السلام هم الذين يعبرون عن شيء شاهدوه، تُرى هذا المشاهَد هل هو الوضع في القيام الأول أم في القيام الثاني؟
هنا المسألة تحتاج إلى سبر وإلى بحث وتفتيش في كل الأحاديث التي تتعلق بصفة صلاة النبي - صلى الله عليه وسلم -، فلا نجد مطلقاً ولا حديثاً ضعيفاً يقال بمثله يعمل به في فضائل الأعمال، أي: ليس شديد الضعف، لا نجد مثل هذا الحديث أن الرسول عليه السلام لما رفع رأسه من الركوع وضع اليمنى على اليسرى.
بل نعتقد بما هو أكثر من ذلك، حديث وائل بن حجر هو مختصر من حديث له مفصل، هذا الحديث لما أنت تقرأه تشعر أن هذا الراوي ما فيه في ذهنه وضع القيام الثاني، لماذا؟ والحديث في صحيح مسلم، بينما الحديث الأول: كان إذا قام في الصلاة وضع اليمنى على اليسرى في سنن النسائي، في صحيح مسلم أن وائل بن حجر وصف صلاة الرسول عليه السلام فقال:«كبر ثم وضع اليمنى على اليسرى، ثم لما ركع كبر ورفع يديه ثم لما رفع رأسه من الركوع كبر ورفع يديه ثم سجد ... » فهنا كلما انتقل بالتكبير وفي وضع يديه ذكر يقول: وفعل كما فعل من قبل، أما لما ذكر الوضع الأول وذكر أنه ركع وكبر ورفع يديه قال: لما رفع رأسه من الركوع رفع يديه أيضاً، لكن ما قال: ووضع كما وضع من قبل، فإذاً: سياقه الذي فيه تفصيل لصفة صلاة النبي - صلى الله عليه وسلم - لا يذكر هذا الوضع الثاني مطلقاً، الراوي الذي روى الحديث في «سنن أبي داود» أخذ من هذا الحديث المفصَّل ما يتعلق بالقيام، فخَرَّج منه نصاً عاماً، هذا النص العام ما جرى به العمل.