للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

ووجدنا الحديث. مستقيماً لا إحالة فيه؛ وذلك أن البعير ركبتاه في يديه، وكذلك كل ذي أربع من الحيوان، وبنو آدم بخلاف ذلك؛ لأن ركبتهم في أرجلهم لا في أيديهم، فنهى رسول الله - صلى الله عليه وسلم - في هذا الحديث [المصلي] أن يخر على ركبتيه اللتين في يديه، ولكن يخر [لسجوده] على خلاف ذلك؛ فيخر على يديه اللتين ليس فيهما ركبتاه، بخلاف ما يخر البعير على يديه اللتين فيهما ركبتاه. فبان بحمد الله ونعمته أن ما في هذا الحديث عن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - كلام صحيح لا تضاد فيه ولا استحالة». اهـ.

وقد ذكر نحوه في «شرح المعاني» «١» (١).

وقال ابن حزم «٤/ ١٣٠»: «وركبتا البعير هي في ذراعيه». وفي «لسان العرب» «١/ ٤١٧» ما نصه: «وركبة البعير في يده». ثم قال: «وركبتا يدي البعير المَفْصِلان اللذان يَلِيَان البطن إذا برك، وأما المَفْصِلان النَّاتِئان من خلف؛ فهما العُرْقُوبان، وكل ذي أربع ركبتاه في يديه، وعُرْقُوْبَاهُ في رجليه». ومثله تماماً في «تاج العروس» «١/ ٢٧٨». ويشهد لذلك من كلامهم المعهود في استعمالهم قول علقمة والأسود عن عمر رضي الله عنه: أنه خر بعد ركوعه على ركبتيه؛ كما يخر البعير - وقد تقدم في الحديث الذي قبل هذا -.

فقد وصفا خروره رضي الله عنه على ركبتيه بخرور الجمل.

وهذا وصف خاطئ بزعم ابن القيم؛ لأن الجمل لا يخر على ركبتيه عنده، ثم إن الواقع أن البعير إذا برك؛ فإنما يبرك بقوة حتى إن للأرض منه لرجةً، وكذلك المصلي إذا سجد على ركبتيه؛ كان لسجوده دويٌّ، لا سيما إذا كان يصلي في مسجد قد بسطت عليه «الدفوف» الخشبية، وكان المصلون جمعاً كثيراً؛ فهناك تسمع لهم لَجَّةً


(١) وكذا الإمام القاسم السرقسطي رحمه الله؛ فإنه روى في «غريب الحديث» «٢/ ٧٠/١ - ٢» بسند صحيح عن أبي هريرة أنه قال: «لا يبركن أحد بروك البعير الشارد». قال الإمام: «هذا في السجود؛ يقول: لا يرم بنفسه معاً - كما يفعل البعير الشارد غير المطمئن المواتر -؛ ولكن ينحط مطمئناً، يضع يديه، ثم ركبتيه، وقد روي في هذا حديث مرفوع مفسر».
ثم ذكر الحديث الوارد أعلاه. .. وقد بسطت القول في ذلك في رسالة الرد على الشيخ التويجري؛ فعسى أن تنشر. [منه].

<<  <  ج: ص:  >  >>