للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

[قال الإمام]:

تنبيه هام، وهو أن البعير يبرك على ركبتيه، يعني اللتين في مقدمتيه، وإذا كان كذلك لزم أن لا يبرك المصلي على ركبتيه كما يبرك البعير، لما ثبت في أحاديث كثيرة من النهي عن بروك كبروك الجمل، وجاء في بعضها توضيح ذلك من حديث أبي هريرة مرفوعا بلفظ: «إذا سجد أحدكم فلا يبرك كما يبرك البعير، وليضع يديه قبل ركبتيه». رواه أبو داود بسند جيد، وفي رواية عن أبي هريرة بلفظ: «كان النبي - صلى الله عليه وسلم - إذا سجد بدأ بوضع يديه قبل ركبتيه». أخرجه الطحاوي في «شرح المعاني» «١/ ١٤٩» هو الذي قبله بالسند المشار إليه آنفا، وروى له شاهدا من حديث ابن عمر من فعله وفعل النبي - صلى الله عليه وسلم -. وسنده صحيح، وصححه الحاكم والذهبي. فهذه الأحاديث الثابتة تدل على نكارة الأحاديث المتقدمة جميعها، ومما يدل على ضعف بعضها من جهة ما فيها من الزيادة في هيئة القيام إلى الركعة الثانية، حديث أبي قلابة قال: «كان مالك بن الحويرث يأتينا فيقول: ألا أحدثكم عن صلاة رسول الله - صلى الله عليه وسلم -؟ فيصلى في غير وقت الصلاة، فإذا رفع رأسه من السجدة الثانية في أول ركعة استوى قاعدا، ثم قام فاعتمد على الأرض». أخرجه الإمام الشفاعي في «الأم» «١/ ١٠١» والنسائي «١/ ١٧٣» والبيهقي «٢/ ١٢٤ - ١٣٥» بإسناد صحيح على شرط الشيخين، وقد أخرجه البخاري «٢/ ٢٤١» من طريق أخرى عن أبي قلابة نحوه. ففيه دلالة صريحة على أن السنة في القيام إلى الركعة الثانية إنما هو الاعتماد، أي باليد، لأنه افتعال من العماد، والمراد به الإتكاء وهو باليد كما في «الفتح» قال: «وروى عبد الرزاق عن ابن عمر أنه كان يقوم إذا رفع رأسه من السجدة معتمدا على يديه قبل أن يرفعهما»، قلت: وفيه عنده «٢٩٦٤، ٢٩٦٩» العمري وهو ضعيف، لكن الاعتماد فيه شاهد قوي سأذكره بإذن الله تحت الحديث الآتي برقم «٩٦٧».

فقد ثبت مما تقدم أن السنة الصحيحة إنما هو الاعتماد على اليدين في الهوي إلى السجود وفي القيام منه، خلافا لما دلت عليه هذه الأحاديث الضعيفة، فكان ذلك دليلا آخر على ضعفها.

السلسلة الضعيفة (٢/ ٣٣١ - ٣٣٢).

<<  <  ج: ص:  >  >>