للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

النزول للسجود على اليدين

قال الشيخ: مسألة الهَوْي إلى السجود، أكثر الناس حتى في المملكة يَبْركون بروك الإبل، وهذا من العجائب والغرائب؛ لأن السعوديين والحجازيين هم أهل بعران كما يقولون في بعض اللهجات، وهم يرون البعير كيف يبرك، يبرك على ركبتيه، فبسبب مثل هذه التعليلات [الضعيفة] أعرضوا عن فعله الصحيح وأمره الصريح، أما فعله فكما في «مستدرك الحاكم» وعلقه البخاري في صحيحه أن النبي - صلى الله عليه وسلم - «كان إذا سجد وضع يديه قبل ركبتيه» وروى ذلك نافع عن مولاه ابن عمر وقال: «كان رسول الله - صلى الله عليه وسلم - يفعل ذلك» فهذا فعله ثم جاء قوله عليه السلام مؤيداً لفعله: «إذا سجد أحدكم فلا يبرك كما يبرك البعير وليضع يديه قبل ركبتيه» فجاء ابن القيم رحمه الله بالعجب العجاب في هذا البحث نحو صفحتين بتعليلات لو قالها غيره لكان ذلك كثيراً، أنه ادعى بأن هذا الحديث مقلوب، قال: أراد الراوي أن يقول فليضع ركبتيه قبل يديه، فقال: فليضع يديه قبل ركبتيه .. فهذه دعوى.

ومن العجب العجاب أنه أيد دعواه برواية نسبها لابن أبي شيبة يعني في المصنف، وهي من طريق عبد الله بن أبي سعيد المقبري، وهذا متروك متهم بالكذب، عارض بهذه الرواية رواية أبي داود وغيره بالسند القوي باللفظ الأول: «وليضع كفيه قبل ركبتيه»، ثم ادعى ابن القيم بأن الذين يذهبون إلى وضع اليدين قبل الركبتين، زعموا بأن ركبتي البعير في مقدمتيه، قال: وهذا لا أصل له في اللغة وهذا أيضاً من العجائب؛ فإن كتب اللغة كلها متفقة على ما جاء في القاموس وغيره أن ركبتي البعير في مقدمتيه، قال وكذلك كل ذوات الأربع، ثم جاء في صحيح البخاري في قصة ملاحقة سراقة بن مالك للنبي - صلى الله عليه وسلم - حينما خرج مهاجراً من مكة إلى المدينة على فرسه، فلما اقترب منهما رسول الله - صلى الله عليه وسلم - وأبي بكر غاصت مقدمة الفرس إلى ركبتيه، هذا من صحيح البخاري يؤكد المعنى اللغوي أن ركبتي ذوات الأربع في مقدمتيها، فإذاً يستقيم الحديث مع اللغة: «إذا سجد أحدكم فلا يبرك كما يبرك البعير وليضع يديه قبل ركبتيه» لأن البعير حينما يبرك فأول شيء يضعه من بدنه هما ركبتيه.

<<  <  ج: ص:  >  >>