ولذلك نحن نلاحظ نشاهد هذا بأم أعيننا خاصة في بلادنا الشامية؛ لأن المساجد هناك أرضها تكون باردة، فيفرشونها بالخشب، الحديث متفق مع اللغة تماماً، ثم مع الواقع؛ لأن البعير حينما يهوي جالساً يكون للأرض رجة خاصة إذا كان محملاً بالأثقال، فنحن في الشام تأتينا الجمال من الغوطة كما تحدثنا في مناسبة سبقت محملة بالخشب الجوز والمشمش ونحو ذلك، فعندما يبرك نكون نحن قريبين من البروك نسمع بأن الأرض ارتجت تحتنا.
ولما كانت المساجد مفروشة بالخشب تسمع للمصلين رجة وهم يبركون على الركب، أما هنا تسمع صوتاً لكن ليس له تلك الرجة بخلاف الذين يطبقون السنة القولية والفعلية، ويتلقون الأرض بأكفهم، لا تسمع لهم ركزا إطلاقاً، وهذا مما يليق بالصلاة التي قامت على الخشوع وعلى الهدوء والسكون كما قال عليه السلام في صحيح مسلم:«ما لي أراكم رافعي أيديكم كأنها أذناب خيل شمس، اسكنوا في الصلاة. .. » , فشتان بين من يسجد على ركبتيه، وبين من يسجد على كفيه، ثم أنا ألاحظ شيئاً وأنتم أهل اللغة أرجو أن تؤيدوني أو أن تصوبوني، لاحظت في كثير من الروايات الحديثية الصحيحة أنهم لما يذكرون صلاة النبي وسجوده، يقولون: ثم هوى ساجداً، فكلمة الهوي لا يمكن تطبيقها على طريقة الركوع على الركب، أن الهوى تعرفون معناه شيء كما يهوي النجم الثاقب بسرعة وبقوة، فلو نظرت إلى إنسان يسجد على ركبتيه تجده متأنياً، أما الذي يسجد على كفيه فعلاً يهوي هوي، والشيء الآخر والأخير أن في بعض الأحاديث في سنن أبي داود وغيره أن النبي - صلى الله عليه وسلم - كان إذا هوى ساجداً جانح، وهذه المجانحة من طبيعة هذا الهَوْي على الكفين وليس من طبيعة السجود على الركبتين، لأن الذي يسجد تجده ضاماً عضديه إلى إبطيه، أما الذي يسجد على الكفين يفعل هكذا، فهذا ما عندي بهذه المناسبة التي ذكرت آنفاً.