قال: وفيه نظر؛ لأنه يلزم منه أن يُكتفى بالسجود على الأنف، كما يكتفى بالسجود على بعض الجبهة.
وقد احتج بهذا لأبي حنيفة في الاكتفاء بالسجود على الأنف قال: والحق أن مثل هذا لا يعارض التصريح بذكر الجبهة، وإن أمكن أن يعتقد أنهما كعضو واحد؛ فذاك في التسمية والعبارة، لا في الحكم الذي دل عليه الأمر. وأيضاً فإن الإشارة قد لا تعيق المشار إليه؛ فإنها إنما تتعلق بالجبهة لأجل العبادة، فإذا تقارب ما في الجبهة؛ أمكن أن لا يعين المشار إليه يقيناً. وأما العبارة؛ فإنها معينة لما وضعت له؛ فتقديمه أولى. انتهى.
وما ذكره من جواز الاقتصار على بعض الجبهة؛ قال به كثير من الشافعية، وقد ألزمهم بعض الحنفية بما تقدم.
ونقل ابن المنذر إجماع الصحابة على أنه لا يجزئ السجود على الأنف وحده.
وذهب الجمهور إلى أنه يجزئ على الجبهة وحدها. وعن الأوزاعي، وأحمد، وإسحاق، وابن حبيب من المالكية وغيرهم: يجب أن يجمعهما. وهو قول للشافعي أيضاً.
قلت: وهذا هو الصواب - إن شاء الله تعالى -؛ للأمر بالسجود عليها، ومن ادعى أن الأمر بخصوص الأنف للاستحباب لا للوجوب؛ فهو مخالف لظاهر الحديث، ومطالب بالدليل، وأنى له ذلك؟ ! لكن كون ذلك قولاً للشافعي مما استغربه النووي في «المجموع»«٣/ ٤٢٤» قال: «وإن كان قوياً في الدليل. ثم قال ابن دقيق العيد: واحتج بعض الشافعية على أن الواجب الجبهة دون غيرها بحديث «المسيء صلاته»؛ حيث قال فيه: ويمكن جبهته.
قال: وهذا غايته أنه مفهوم لَقَب، والمنطوق مقدم عليه، وليس هو من باب تخصيص العموم.
قال: وأضعف من هذا استدلالهم بحديث: «سجد وجهي». فإنه «لا» يلزم من