ومنها: عن معاذ بن جبل؛ في حديث له: وكان يمكّن جبهته وأنفه من الأرض، ثم يقوم كأنه السهم لا يعتمد على يديه.
قال الهيثمي «٢/ ١٣٥»: «وفيه الخَصِيب بن جَحْدَر، وهو كذاب».
فقد ظهر لك من هذا البيان أنه لا تصح هذه الهيئة المعارضة للهيئة الثابتة.
ومع ذلك؛ فقد اعتمد عليها ابن القيم في «الزاد»«١/ ٨٥ - ٨٦» وفي رسالة «الصلاة»«٢١٢»، ونفى أنه عليه الصلاة والسلام كان يعتمد على يديه إذا نهض وأجاب - تبعاً للطحاوي وغيره - عن حديث مالك وأبي حُميد في جلسة الاستراحة: أنه عليه الصلاة والسلام إِنما كان يفعل ذلك للحاجة حينما أسن وأخذه اللحم، وأنه لم يفعلها تعبداً وتشريعاً! وهذا ظن خاطئ، لا يجوز بمثله رد السنة الصحيحة؛ لاسيما إذا كان قد رواها جمع من الصحابة بلغوا بضعة عشر شخصاً؛ فكيف يجوز أن يخفى على هؤلاء الأجلة أنه - صلى الله عليه وسلم - إنما فعل ذلك للحاجة لا للعبادة؛ لا سيما وفيهم مالك بن الحويرث رضي الله عنه - وهو الذي روى عنه - صلى الله عليه وسلم - قوله له:«صلوا كما رأيتموني أصلي» -؛ مع العلم بأن الشاهد يرى ما لا يرى الغائب، فكيف يخفى ذلك على هؤلاء، ثم يعلمه مَنْ جاء مِنْ بعدهم بعدة قرون - مثل الطحاوي، وابن القيم -، ولا دليل لهم على ذلك ولا برهان سوى الظن {وَإِنَّ الظَّنَّ لَا يُغْنِي مِنَ الحَقِّ شَيْئًا}؟ ! وليس عجبي أن يسلك هذا السبيل مثلُ الطحاوي الذي نصب نفسه لتأييد مذهب أبي حنيفة -إلا نادراً- ولكن عجبي الذي لا ينتهي سلوك ابن القيم هذا السبيل وهو ناصر السنة، وحامل لوائها، ورافع رايتها! ولكن لا بد لكل جواد من كبوة؛ بل كبوات! ورحم الله إلإمام مالكاً حيث قال: ما منا من أحد إلا رادّ ومردود عليه؛ إلا صاحب هذا القبر - صلى الله عليه وسلم -.
نعم؛ لقد احتج ابن القيم رحمه الله على ترك الاعتماد على اليدين بحديث ذكره في رسالة «الصلاة» عن ابن عمر: أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - نهى أن يعتمد الرجل على