للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وهذا من إنصاف الإمام أحمد رحمه الله ورجوعه إلى الحق والصواب. ثم قال الإمام النووي: «وأما حديث وائل؛ فلو صح؛ وجب حمله على موافقة غيره في إثبات جلسة الاستراحة؛ لأنه ليس فيه تصريح بتركها، ولو كان صريحاً؛ لكان حديث مالك بن الحويرث وأبي حميد وأصحابه مقدماً عليه؛ لوجهين: أحدهما: صحة أسانيدها.

والثاني: كثرة رواتها.

ويحتمل أن يكون وائل رأى النبي - صلى الله عليه وسلم - في وقت أو أوقات؛ تبياناً للجواز، وواظب على ما رواه الأكثرون.

ويؤيد هذا: أن النبي - صلى الله عليه وسلم - قال لمالك بن الحويرث - بعد أن قام يصلي معه، ويتحفظ العلم منه عشرين يوماً، وأراد الانصراف من عنده إلى أهله -: «اذهبوا إلى أهليكم، ومروهم، وعلِّموهم، وصلوا كما رأيتموني أصلي».

وهذا كله ثابت في «صحيح البخاري» من طرق، فقال له النبي - صلى الله عليه وسلم - هذا وقد رآه يجلس للاستراحة، فلو لم يكن هذا هو المسنون لكل أحد؛ لما أطلق - صلى الله عليه وسلم - قوله: «صلوا كما رأيتموني أصلي».

وبهذا يحصل الجواب عن فرق أبي إسحاق المروزي بين القوي والضعيف، ويجاب به أيضاً عن قول من لا معرفة له: ليس تأويل حديث وائل وغيره بأولى من عكسه». ثم قال النووي: «واعلم أنه ينبغي لكل أحد أن يواظب على هذه الجلسة؛ لصحة الأحاديث فيها، وعدم المعارض الصحيح لها. ولا تغتر بكثرة المتساهلين بتركها؛ فقد قال تعالى: {قُلْ إِن كُنتُمْ تُحِبُّونَ اللَّهَ فَاتَّبِعُونِي يُحْبِبْكُمُ اللَّهُ وَيَغْفِرْ لَكُمْ ذُنُوبَكُمْ}، وقال: {وَمَا آتَاكُمُ الرَّسُولُ فَخُذُوهُ}.

[أصل صفة الصلاة (٣/ ٨١٦)]

<<  <  ج: ص:  >  >>